responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : عدالة للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 306

فإن الإكراه يفسد اختيار الإنسان، ويجعل المكره مسلوب الإرادة، فينتفي بذلك رضاه واقتناعه.

ويترتب على حرية الاعتقاد كثير من الحريات.. منها حرية إجراء الحوار والنقاش الديني، وذلك بتبادل الرأي والاستفسار في المسائل الملتبسة التي لم تتضح للإنسان، وذلك للاطمئنان القلبي بوصول المرء إلى الحقيقة التي قد تخفى عليه، وقد كان الرسل والأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - يحاورون أقوامهم ليسلموا عن قناعة ورضى وطواعية، بل إن إبراهيم u حاور ربه في قضية (الإحياء والإماتة) ليزداد قلبه قناعة ويقيناً، وذلك فيما حكاه القرآن لنا في قوله تعالى :﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (260)﴾ (البقرة)

بل إن في حديث جبريل u الذي استفسر فيه رسول الله صلی‌الله‌علیه‌وآله‌وسلم عن (الإسلام) و(الإيمان) و(الإحسان) و(علامات الساعة) دليل واضح على تقرير الإسلام لحرية المناقشة الدينية، سواء كانت بين المسلمين أنفسهم، أو بينهم وبين أصحاب الأديان الأخرى، بهدف الوصول إلى الحقائق وتصديقها، لا بقصد إثارة الشبه والشكوك والخلافات، فمثل تلك المناقشة ممنوعة، لأنها لا تكشف الحقائق التي يصل بها المرء إلى شاطئ اليقين.

ومنها حرية ممارسة الشعائر الدينية،و ذلك بأن يقوم المرء بإقامة شعائره الدينية، دون انتقاد أو استهزاء، أو تخويف أو تهديد،و لعل موقف الإسلام الذي حواه التاريخ تجاه أهل الذمة من دواعي فخره واعتزازه، و سماحته.. وقد سبق أن ذكرت لكم شواهد ذلك وأدلته.

ومن الحريات المعنوية التي أتاحتها الشريعة الإسلامية حرية الرأي، فقد جوز الإسلام للإنسان أن يقلب نظره في صفحات الكون المليئة بالحقائق المتنوعة، والظواهر المختلفة، ويحاول تجربتها بعقله، واستخدامها لمصلحته مع بني جنسه، لأن كل ما في الكون مسخر للإنسان، يستطيع أن يستخدمه عن طريق معرفة طبيعته ومدى قابليته للتفاعل والتأثير،ولا يتأتى

اسم الکتاب : عدالة للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 306
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست