ففي هذا الحديث ذكر رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم ثلاث مراتب للحسبة: الحسبة باليد،
والحسبة بالقول، والحسبة بالقلب.
قال رجل منا: أليس من العجب أن يبدأ نبيكم بالحسبة باليد..
أليس الأصل أن يبدأها بالقول؟
ابتسم الحسين، وقال: أرأيت لو أن ظالما أمسك شيخا كبيرا أو
ولدا صغيرا وأخذ يضربه.. ثم جئت أنت ورحت تقدم له محاضرة في الرحمة.. في الوقت
الذي لم يتوقف فيه الظالم عن ظلمه.. أكان ذلك باعتبار الفطرة السليمة حسنا؟
قلنا: لا.. الأولى في هذا أن يكف يده أولا عن ذلك الظلم.. ثم
بعد ذلك لا بأس أن ينهاه بالمواعظ.
قال: فهذا ما أراده رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم.. فلا ينبغي أن يترك المعتدي متماديا في
اعتدائه.. ثم لا يجد من المجتمع إلا كلمات قد تؤثر في الظالم وقد لا تؤثر.
ومع ذلك.. فإن المجتمع الإسلامي مجتمع ينشر قيم الفضيلة بكل
الوسائل والأساليب، وبذلك يكون التغيير بالقول مقدما على التغيير باليد.
قلنا: فحدثنا عن الكيفية العملية لتطبيق ذلك.
قال: لقد ورد في السنة المطهرة ما يدل على ذلك.. ففي الحديث
أن أعرابيا بال في المسجد، فقام أصحاب رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم ليقعوا فيه.. لكن رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم أدرك حاله من الجهل، وأدرك أنه ـ في ذلك
الحين ـ كان في حالة خاصة.. ولذلك عالجه بما يناسب حاله.. فعالج جهله بالتعليم..