responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سلام للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 462

المقدسة (التي ترمز إلى المعرفة) ثم وضعه في الأرض محاطاً بالظلام (الذي يرمز إلى الجهل) فأشفق عليه كائن أسطوري يسمى بروميتوس، فسرق له النار المقدسة لكي ينير له ماحوله، فغضب زيوس على الإنسان وعلى بروميثيوس كليهما.. فأما بروميثيوس فقد وكل به نسراً يأكل كبده بالنهار، ثم تنبت له كبد جديدة بالليل يأكلها النسر بالنهار في عذاب أبدي!

وأما الإنسان فقد أرسل له زيوس (باندورا ) ( التي ترمز إلى حواء ) لكي تؤنس وحشته (في ظاهر الأمر!) وأرسل معها هدية عبارة عن علبة مقفلة، فلما فتحها إذا هي مملوءة بالشرور التي قفزت من العلبة وتناثرت على سطح الأرض لتكون عدواً دائماً وحزناً للإنسان !

ويشير جوليان هكسلي إشارة صريحة إلى هذه الأسطورة في كتاب (الإنسان في العالم الحديثMan in the modern world)، فيقول إن موقف الإنسان الحديث هو ذات الموقف الذي تمثله هذه الأسطورة فقد كان الإنسان يخصع لله بسبب الجهل والعجز، والآن بعد أن تعلم وسيطر على البيئة فقد آن له أن يأخذ على عاتق نفسه ماكان يلقيه من قبل في عصر الجهل والعجز على عاتق الله، ويصبح هو الله)

قلنا: فما المصدر الذي هرب إليه الإنسان بعد هربه من الله؟

قال: لقد اتجه الفكر المنسلخ من الدين إلى البحث عن مصدر آخر للقيم الإنسانية غير الدين! ذلك أن أوروبا لم تكن قد انسلخت بعد من القيم ذاتها كما حدث فيما بعد حين امتد الخط المنحرف فازداد بعداً وانحرافاً، أو لم تكن قد سنحت الفرصة للشريرين أن يعلنوا الحرب المنظمة على كل مقومات (الإنسان ) كما سنحت لهم بعد ظهور الداروينية وإعلان حيوانية الإنسان!

ففي تلك الفترة وجد (الفكر الحر ! ) أنه إن أقر بأن الدين هو مصدر القيم الإنسانية فقد وجب عليه أن يحافظ عليه ولا يهاجمه ولا يسعى إلى تحطيمه ! فينبغي إذن أن يبحث ذلك الفكر عن مصدر آخر يستمد منه القيم ويسندها إليه، لكي لا يقول أحد إنه لا يمكن الاستغناء

اسم الکتاب : سلام للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 462
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست