responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سلام للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 364

بقيت مدة أستمع إلى سياسة النفس التي نطق بها ابن مسكويه.. إلى أن طلب مني صاحبي المحاسبي أن نسير إلى رجل له طرقه الخاصة في مخاطبة النفوس..

لم نسر إلا قليلا حتى رأينا رجلا يقال له (بديع الزمان)[1] كان بالغ الذكاء والفطنة.. قوي الحجة والدليل.. له قدرة كبيرة على الغوص في أعماق النفوس.. وله قدرة كبيرة على التحاور معها.

كان يخاطب أطفالا.. يقول لهم بلطف وحنان: كان يا ما كان في قديم الزمان.. وسالف العصر والأوان.. كان هناك سلطان له ثروات طائلة، وخزائن هائلة، تحوي جميع أنواع الجواهر والألماس والزمرد، مع كنوز خفية أخرى عجيبة جداً.. وكان هذا السلطان صاحب علمٍ واسع جداً، وإحاطة تامة، واطلاع شامل على العلوم البديعة التي لاتحد، مع مهارات فائقة لا تعد.

وبما أن كل ذي جمال وكمالٍ يحب أن يشهَد الغير جمالَه وكمالَه.. فكذلك هذا السلطان العظيم، أراد أن يفتح معرضاً هائلاً لعرض مصنوعاته الدقيقة كي يُلفت أنظار رعيته إلى أبهة سلطنته، وعظمة ثروته، ويُظهِر لهم من خلاله خوارق صنعته الدقيقة وعجائب معرفته وغرائبها، ليشاهِد الكل جمالَه وكمالَه.

ولأجل هذه الحكمة بدأ هذا السلطان بتشييد قصر فخم شامخ جداً، وقسّمه بشكل بارع إلى منازل ودوائر مزيّناً كلَّ قسمٍ بمرصعات خزائنه المتنوعة، وجمّله بما عملت يداه من ألطف آثار إبداعه وأجملها، ونظّمه ونسقه بأدق دقائق فنون علمه وحكمته.

وبعد أن أتمه وكمله، أقام في القصر موائد فاخرة بهيجة تضم جميع أنواع أطعمته اللذيذة، وأفضل نِعَمه الثمينة، مخصصاً لكل طائفة ما يليق بها ويوافقها من الموائد، فأعدّ بذلك ضيافة


[1] أشير به إلى الإمام بديع الزمان النورسي.. وقد تحدثنا عنه مرات كثيرة في هذه السلسلة.

اسم الکتاب : سلام للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 364
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست