responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سلام للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 228

قلت: أجل.. ولكنه لم يكن أعمى.

قال: ما دام لا يرى إلا الحس فهو أعمى.

قلت: وما ترى أنت؟

قال: أنا لا أرى إلا المعنى..

قلت: ولكن هناك أشياء محسوسة.. بل كل ما يحيط بنا محسوس.

قال: كل ما نراه من أشياء مادية ليس إلا أفكار أو أحاسيس نشعر بها تجاهها..

قلت: فأنت ـ بهذا الاعتبار ـ لا تعد التفاحة شيئاً سوى لونها، وشكلها، وملمسها، ووزنها، وطعمها، وخواصها الأخرى على النحو الذي ندركه بأحاسيسنا.

قال: أجل.. كما أن الخصائص أو الأفكار التي نشعر بها لا توجد إلا في مخيلتنا.. وهي تتغير بتغير الشخص الذي يتلقاها.. فالمياه الدافئة نفسها تبدو ساخنة لليد الباردة، وتبدو باردة لليد الساخنة.. وهكذا فإن الخصائص التي نشعر بها ماهي إلا أفكار تعتمد على العقل الذي يتلقاها، وليس لها وجود مستقل.

قلت: ما الذي جعلك تعتقد هذا مع أن الكل يعتقد أن الأشياء المادية المحسوسة تتكون من مادة، والمادة هي الشيء الذي توجد فيه الخصائص المختلفة، ومن المفترض أن المادة توجد خارج العقل، ومستقلة عنه.

قال: إن كل ما يدركه البشر يرتكز على الحس، وإذا اختبرنا الحس وجدناه مليئا بالمتناقضات.. فالبصر يرى الشيء القريب كبيرا، وإذا ابتعد عنه حسبه صغيرا.. والأذن تسمع الصوت ضعيفا إذا كان بعيدا عنها، وإذا اقترب اليها سمعته عاليا ـ أو بالأحرى تعتقد أنها تسمعه عاليا ـ وهكذا..

فإذا كان الإحساس يتناقض فكيف نطمئن إليه؟

ثم لدى تحليل الإحساس نجده ليس سوى التصور، والتصور لا يعدو أن يكون فكرة

اسم الکتاب : سلام للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 228
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست