responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سلام للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 196

قلت: أشياء كثيرة.. منها أنه لو كان العلم صفة للذات لم يجز أن يتخلف لحظة عن الذات، ذلك أن الذات لا تفقد نفسها إلا ساعة انعدامها.. كما أن النور لا يمكنه ان يتخلف عن الحركة والإشراق.. ذلك أن ذاته هي الحركة والإشراق؟

قال: فما الذي يمنع من اعتبار استحالة تخلف العلم عن الذات؟

قلت: أشياء كثيرة تراها وتشعر بها.. أنت تعلم أن الإنسان يبدأ جاهلا لا يعلم شيئا[1].. ثم يعلم.. ثم ينسى ما علم[2].. وفوق هذا نحن نعلم من أنفسنا صفة الجهل الذاتية، لأن العلم لا يحصل لنا إلا بتعب وإرهاق.. ثم يزول بسرعة مع هبوب عاصفة النسيان التي تتناوب على أنفسنا فتكنس معها معلوماتنا.

وفوق هذا كله، فإن ذاتي الشيء لا يمكن أن يحدد.. فالجهل والعدم والعجز من ذاتنا، ولذلك فهي غير محدودة، لأنها إذا كانت محدودة لم تكن ذاتية لنا.. أما العلم والإرادة والوجود والقوة فهي مواهب أو مكاسب، ولذلك فهي محدودة.

وبتعبير آخر: إن التحديد يعني العدم في بعض الجوانب.. فلو حددنا علم رجل ببلده مثلا، فذلك يعني أنه لا يعلم عن البلاد الأخرى شيئا، وإذا كان ذات الرجل عالما فكيف لا يعلم شيئا عن البلاد الأخرى؟ أفلا يعني ذلك أن هذا الرجل عالم وجاهل في لحظة؟ وهو تناقض مرفوض.

وهل يصح ان نقول: ان ذات الحرارة هي الحركة.. أي لا يمكن أن توجد حرارة ولا توجد حركة أو العكس بأن توجد حركة ولا توجد حرارة.. ثم نقول إن الحرارة يمكنها أن لا توجد


[1] كما يشير إلى ذلك قوله تعالى :﴿ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (النحل:78)

[2] كما قال تعالى :﴿ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ) (النحل:70)

اسم الکتاب : سلام للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 196
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست