اسم الکتاب : سلام للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 189
قال: هم ثلاثة
طوائف.. وهم ينتشرون في كل مكان وزمان[1]..
أما أولاهم.. فيمكن أن نسميها
(العنادية).. وهم المعاندون الذين لا يقرون بالحق لأهله مع علمهم به.. لقد عرف
قرآن المسلمين منهجهم العقلي خير تعريف حين قال :﴿ وَجَحَدُوا بِهَا
وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً O (النمل:
من الآية14)
وأما الثانية.. فيمكن أن نسميها
(العِندية).. وهي طائفة ترى أن الحق كل الحق عندها وحدها.. وأن الباطل كل الباطل
عند غيرها.
وأما الثالثة.. فاختارت أن تسمى
(اللا أدرية).. وهي التي تفر من الحقيقة ومن البحث عنها ومن الإقرار لها بقولها كل
حين (لا أدري)
قلنا: فكيف بدا لهذه الطوائف أن
تظهر للوجود؟
قال: لقد ظهرت هذه الطوائف لترد
بكسلها على الأهواء الكثيرة التي حاولت أن تفسر الوجود وحقائق الوجود..
لقد ظهرت عندما رأت عجز الأفكار
عن تفسير النشأة الأولى هل هى من ماء أو من تراب.. أو من هواء أو من نار.. وظهرت
عندما عجز الدين الوثنى السائد فى بلادنا حينذاك عن تلبية الفطرة الإنسانية.. فقد
كان لكل ظاهرة كونية أو إنسانية إله يعبد ويقدس.. وظهرت عندما عجزت السياسة، فسلمت
أمرها للحروب والمنازعات.
في هذه الأجواء ظهرت السفسطة
كعجوز كسولة تقول للجميع: ليس هناك شيء اسمه الحقيقة.. أو تقول لهم: كلكم تحملون
الحقيقة.
أذكر في ذلك الحين أستاذا لي
كان اسمه (بروتاجوراس) (480 ق م- 410
ق م)، كانت فلسفته تدور حول اعتبار الإنسان مقياسا لكل شيء.. فهو الذى يقرر وجود
الأشياء.. وهو الذي
[1] هكذا صنفهم ابن حزم (384 - 456
هـ)، فقد قسمهم إلى ثلاثة أصناف:1- صنف نفى الحقائق جملة.2- صنف شكُّوا فيها.3-
صنف قالوا هى حق عند مَنْ عنده حق، وهى باطل عند مَنْ هى عنده باطل.
اسم الکتاب : سلام للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 189