قال فدعتني ثقيف فقالوا: ماذا سمعت من
هذا الرجل فقرأتها عليهم، فقال من معهم من قريش: نحن أعلم بصاحبنا ولو كنا نعلم ما
يقوله حقا لاتبعناه[1].
وفي ذلك الموقف الشديد عرضت على رسول
الله a نصرة الله بهلاك الذين يؤذونه،
ولكنه أبى رحمة بهم، فقد روي في الحديث أن رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم قال: جاءني جبريل فقال: يا محمد إن ربك
يقرئك السلام، وهذا ملك الجبال قد أرسله وأمره ألا يفعل شيئا إلا بأمرك.
فقال له ملك الجبال: إن شئت رمهت عليهم
الجبال، وإن شئت خسفت بهم الأرض فقال: يا ملك الجبال: فإني آتى بهم لعلهم أن يخرج
منهم ذرية يقولون لا إله إلا الله، فقال ملك الجبال: أنت كما سماك ربك رؤوف رحيم)[2]
ولم يقتصر الإيذاء على الفترة المكية
التي كان المسلمون فيها مستضعفين، بل تعداه إلى الفترة المدنية بعد هجرة النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم، بل امتد إلى آخر حياة النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم، ففي غزوة تبوك التي حل بالمسلمين فيها
من النصب والتعب والجوع والعطش الشئ الكثير، استهزأ برسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم من استهزأ، فنزل الوحي يعلن كفر هؤلاء
المستهزئين، قال تعالى:﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا
كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ
تَسْتَهْزِئُونَ﴾ (التوبة:65)
وقد ورد في سبب نزولها أن رجلا من
المنافقين قال: ما أرى قراؤنا هؤلاء إلا أرغبنا بطوناً، وأكذبنا ألسنة، وأجبننا عن
اللقاء، فرفع ذلك إلى رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم،
وقد ارتحل وركب ناقته فقال: يارسول الله ؛ إنما كنا نخوض ونلعب فقال:﴿
أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا
قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ
نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ ﴾(التوبة: 65-66)