علي: الأمراض التي تمتلئ بها القلوب.. فلا ينهك البدن مثل أمراض القلوب،
ولهذا ترى القرآن الكريم كثيرا ما يحدثنا عن هذا النوع من الأمراض الخطيرة:
فقد اعتبر ما يحدث في القلب من ظنون سيئة وأفكار رديئة مرضا، بل مرضا خطيرا،
فقال تعالى:{ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ
عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ}(البقرة:10)
وهذا المرض أخطر بكثير من مرض الأجساد، لأن مرض القلب مرض للروح، ومرض الروح
يمتد ليشمل كل وسائل الإدراك، قال تعالى:{ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى
أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}(البقرة:7)
فإذا شغل وسائل الإدراك وملأها ظلمة لم يجد معه أي علاج، فلهذا لا تنفعهم
رقى القرآن الكريم التي ينتفع بها جميع الناس، قال تعالى:{ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ
مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ}(التوبة:125)
الطبيب: صدق كتابكم.. فلا يضر الصحة مثل الوساوس التي تمتلئ بها القلوب، ولو
زرت عياداتنا لوجدت أن أكثر من يأتينا موسوسون امتلأوا بالمخاوف، فسقتهم المخاوف
من الأدواء ما عجزت عنه جميع جراثيم الدنيا.
سكت قليلا، ثم قال: أنت ترى الأمراض العصبية والنفسية تنتشر في عصرنا
انتشارا شديدا متفاقما، أتدري ما أسباب ذلك؟
ثم قال: إن من الأسباب الرئيسية لهذه الأمراض الشعور بالإثم والخطيئة والحقد
والقلق والكبت والتردد والشك والغيرة والأثرة والسأم.. ومما يؤسف له أن كثيراً ممن
يشتغلون بالعلاج النفسي قد ينجحون في تقصي أسباب الاضطراب النفسي الذي يسبب المرض،
ولكنهم يفشلون في معالجة هذه الاضطرابات لأنهم لا يلجأون في علاجها إلى بث الإيمان
بالله في نفوس هؤلاء المرضى.