والمضغة في اللغة تأتي بمعان متعددة منها: (شيء لاكته الأسنان)، وفي قولك
(مضغ الأمور) يعني صغارها، وقد ذكر عدد من المفسرين أن المضغة في حجم ما يمكن
مضغه.
ألكسيس: لقد صدق القرآن في هذا وسبق.. وإن ذلك لعجب عظيم.. وفوق ذلك نرى دقة
القرآن في اختيار المصطلحات.
فعند اختيار مصطلحات لمراحل نمو الجنين، ينبغي أن يرتبط المصطلح بالشكل
الخارجي، والتركيبات الداخلية الأساسية للجنين، وبناء على هذا فإن إطلاق اسم مضغة
على هذا الطور من أطوار الجنين يأتي محققاً للمعاني اللغوية للفظها.
كما أوضح علم الأجنة الحديث مدى الدقة في اختيار تسمية (مضغة) بهذا المعنى،
إذ وجد أنه بعد تخلق الجنين والمشيمة في هذه المرحلة يتلقى الجنين غذاءه وطاقته،
وتتزايد بذلك عملية النمو بسرعة، ويبدأ ظهور الكتل البدنية المسماة فلقات التي
تتكون منها العظام والعضلات.
ونظراً للعددي من الفلقات (الكتل البدنية) التي تتكون فإن الجنين يبدو وكأنه
مادة ممضوغة عليها طبعات أسنان واضحة فهو مضغة.
ولا تتمايز الفلقات في البداية، ولكنها سرعان ما تتمايز إلى خلايا تتطور إلى
أعضاء مختلفة، وبعض هذه الأعضاء والأجهزة تتكون في مرحلة المضغة، والبعض الآخر في
مراحل لاحقة.
وإلى هذا المعنى تشير الآية القرآنية الكريمة:﴿ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ
مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ..﴾ (الحج:5)
علي: لقد وصف القرآن الكريم التحول السريع للجنين من طور العلقة إلى طور
المضغة باستخدام حرف العطف (ف) الذي يفيد التتابع السريع للأحداث.. فما يقول العلم
في ذلك؟
ألكسيس: وهذا سبق آخر.. فالجنين في اليومين 23-24 يكون في نهاية مرحلة
العلقة،