عالم المياه: قبل أن أجيبك عن سؤالك.. أحب أن أبين لك سر الربط بين الجبال
العالية والمياه.
علي: فهل هناك علاقة بينهما؟
عالم المياه: أجل.. كلما كان الجبل أكثر شموخاً وارتفاعاً أدى ذلك لتجمع
كمية أكبر من الغيوم، ثم نزول المطر أو الثلج، ثم ذوبان هذا الثلج وتسرُّبه عبر
طبقات الجبل ومسامه حتى تتفجر الينابيع شديدة العذوبة.. ولذلك نجد أن معظم الجبال
الشامخة يوجد قربها أنهار وينابيع ومياه عذبة.
علي: وما سر العذوبة فيها، والتي أشار إليها القرآن الكريم؟
عالم المياه: إن مياه الينابيع هذه، والتي جاءت من الجبال العالية خضعت
لعمليات تصفية متعددة.. ومن المعلوم أنه كلما مرَّت المياه عبر مراحل تصفية
(فلترة) أكثر كلما كان الماء أنقى.
وفي حالة الجبال التي ترتفع عدة كيلومترات، تعمل هذه الجبال كأفضل جهاز
لتنقية المياه على الإطلاق، ولا يمكن للإنسان مهما بلغ من التقدم العلمي أن يقلِّد
هذه العمليات التي تتم عبر الجبال.
علي: لقد عبر القرآن الكريم عن هذا الماء بكونه فراتا أي عذبا.. والعذوبة
شيء زائد على النقاء.. فهل أثبت العلم ذلك؟
عالم المياه: أجل.. فالماء النازل من السماء والعابر للصخور الموجودة في
الجبال يمتزج ببعض المعادن والأملاح الموجودة في تلك الصخور ويكتسب الطعم المستساغ،
ولولا وجود الجبال والصخور وانحلال هذه المواد في الماء لم يكن للماء أي طعم
يذكر.
علي: لقد ذكر الله تعالى من أنواع الطهارة التي يقوم بها الماء طهارة النفس،
فقال:﴿ إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ
عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ
رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ
الْأَقْدَامَ} (لأنفال:11)