داروين: ولكنها مع ذلك لا تتصرف إلا في ضوء ما نوحي لها نحن به.
علي: إذا كنا نحن البسطاء الضعفاء استطعنا أن نحول من الآلة الجامدة متكلما
بارعا، وشاشة رائعة، وذاكرة حية، بل معالجا ذكيا.. أفلا يستطيع مصمم هذا الكون أن
يفعل ذلك؟
سكت داروين، فقال علي: ولذا.. فإن النصوص تخبرنا عن حياة الأشياء ووعيها..
بل ومشاعرها الفياضة..
فحياة الكون ـ كما تدلنا النصوص المقدسة ـ حياة عاقلة، فلذلك تمارس ما
يمارسه العقلاء من صنوف التعبير عن المشاعر .. وقد ذكر القرآن الكريم أن الحياة
العاقلة المدركة للعواقب هي التي منعت هذا الكون من قبول أمانة التكليف، كما قال تعالى:{ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ
عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا
وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً}
(الأحزاب:72)
فلولا ما في الكون من طاقة الإدراك والاختيار ما عرض عليه هذا العرض الخطير،
ولولاها ما أجاب هذه الإجابة الواعية.
وللحجارة من الوعي ـ كما يعبر القرآن الكريم ـ ما يجعلها تهبط من خشية الله،
قال تعالى:﴿ وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ
الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ
وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّه﴾ (البقرة: 74)