لاشك أنك تعرف (النظرية المركزية الأرضية)، والتي جعلت الأرض ثابتة لا حراك
فيها في مركز دوران الجميع، أي أن الشمس والكواكب والنجوم تدور سوياً مع دوران قبة
السماء يومياً من الشرق إلى الغرب حول الأرض ـ الساكنة فرضاً ـ
لقد ظلت هذه النظرية الخاطئة سائدة حتى وقت قريب، ولم يجرؤ أحد على تحديها
إلى أن جاء كوبرنيكس عام 1543م، ونشر نظريته الجديدة التي وضعت الشمس لأول مرة في
مركز المجموعة الشمسية وتدور الكواكب بما فيها الأرض، كل في مداره المستقل حول
الشمس علاوة على دوران هذه الكواكب دوراناً مغزالياً، كل حول محوره المستقل.
وبهذا أعلن كوبرنيكوس أن الأرض تدور حول محورها مرة كل 24 ساعة، فيحدث تبادل
الليل والنهار، وتدور حول الشمس مرة كل عام فيحدث تغير الفصول، وبهذا عرف الناس
لأول مرة أن الأرض متحركة، وليست ساكنة، وكان هذا الإعلان كارثة في أوروبا في
القرن السادس عشر الميلادي، وتعجبت الكنيسة لهذا الخبر الذي يتناقض مع معتقداتهم،
ومع الإحساس الظاهري للبشر، ومع الجبال الساكنة في نظر كتاب النصوص المقدسة..
ولهذا قررت الكنيسة محاكمة هؤلاء العلماء في ذلك الوقت واتهمت كوبرنيكس بالكفر،
ومصادرة وإحراق أبحاثه عن حركات الأرض، فهرب من روما حتى لا يتم القبض عليه، بينما
أمر البابا بإحضار جاليليو بالقوة رغم شيخوخته وسوء صحته للتحقيق معه لتأييده فكرة
تحرك الأرض، وحكمت الكنيسة عليه بالسجن مدى الحياة، وتوفي وهو مؤمن بدوران الأرض،
كما أعدمت الكنيسة برونو حرقاً في ميدان عام لدفاعه عن تحرك الأرض وتوقع وجود
أراضين أخرى.
وهكذا كان اضطهاد الكنيسة للعلماء قاسياً، بل ومهزلة كبرى، مما استدعى
الانفصام والعداء بين العلم والدين في أوروبا، وبدأت فعلاً الثورة العلمية الكبرى
في أوروبا في القرن السابع عشر وتحدى العلماء الكنيسة كرد فعل استرداداً لكرامتهم،
وأعلنوا صراحة معارضتهم للكتاب المقدسة لاحتوائه على عبارات تتعارض مع الحقائق
العلمية.. وانتصر العلم أخيرا،