وأخبر القرآن عن بعض نماذج الإضلال الشيطاني بهذه الدعاوى
وأمثالها، فذكر مثالا عن إضلال أهل العلم الذين لم يقدروه حق قدره، فقال:) وَاتْلُ عَلَيْهِمْ
نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ
الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا
وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ
الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ
مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ
يَتَفَكَّرُونَ) (لأعراف:175 ـ 176)
وذكر مثالا عن الذين آتاهم الله النعيم بأجمل مظاهره، فلم
يقدروه حتى فقدوه، فقال U عن قوم سبأ:) وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ
فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (سـبأ:20)
وذكر مثالا عن الذين أوتو القوة، ولم يحموها بالتواضع لله:) وَعَاداً وَثَمُودَ
وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ
أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ)
(العنكبوت:38)، فالآية تخبر أن الشيطان أغواهم مع أنهم كانوا ذوي بصيرة ونظر.
ولهذا فإن القرآن يذكر عن أهل الله الذين هم النموذج الذي
يحتذى به في أي سلوك، وهم المثل السامي الذي تتطلع إليه الأرواح الطاهرة، فيصفهم
بقوله:) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا
حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) (البقرة:201)، وهذا
الدعاء يبين حقيقة تصور المؤمن للحياة مقارنة مع دعاء الغافلين الجاهلين الذين
أخبر الله U عنه بأنهم يقتصرون في دعائهم على حاضرهم المشهود:) فَمِنَ النَّاسِ مَنْ
يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ
خَلاقٍ)(البقرة: 200)
عندما أقرأ هذه الآية أتذكر صلاتنا عندما نقول:( أبانا
الذى فى السماوات ليتقدس اسمك، ليأت ملكوتك، لتكن مشيئتك كما فى السماء كذلك على
الأرض. خبزنا كفافنا أعطنا اليوم. واغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضا للمذنبين
إلينا. ولا تدخلنا فى تجربة،لكن نجنا من الشرير. لأن لك
اسم الکتاب : الكلمات المقدسة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 366