اسم الکتاب : الكلمات المقدسة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 125
ثانيا ـ الربانية
في اليوم الثاني.. أرسلني أخي إلى مترجم خبير باللغات
الأصلية التي كتب بها الكتاب المقدس، بالإضافة إلى ما وهبه الله من مقدرة بلاغية
تتيح له تقريب البعيد، وتحسين الذميم، وتقديس المدنس.
وكان لأخي مشروع كبير في إعادة ترجمة الكتاب المقدس
بالإضافة إلى كتبنا الدينية إلى لغة أدبية رفيعة يفهمها العرب، ويتذوقونها..
فالعرب ـ كما عرف أخي، أو كما أوحي له ـ أمة لا تستفزها المعاني، بل تستفزها
الألفاظ، ولا تسحرها الحقيقة، بل يسحرها البيان.
ولذلك كان يتصور أن القرآن ما اصطاد قلوب العرب إلا بجمال
بيانه، وتناسق ألفاظه، وصورة نظمه.
وقد أوحي إلي كما أوحي إليه أن أزين لهذا المترجم أن يضع
الكتاب المقدس في حلة تشبه حلة القرآن أو تدانيه، ليجذب جمال أسلوبه ما عجز أن
يفعله بمعانيه.
ذهبت إلى هذا المترجم الذي كان يسكن في ضاحية المدينة، وفي
ربوة منفردة عن الناس، وقد احتل مسكنه موقعا ممتازا لم أر مثله.. فهو يطل على
المدينة جميعا، وفي نفس الوقت ينعزل عنها جميعا.
اقتربت من البيت الذي كانت تحيط به حديقة في غاية الجمال
والتناسق، فاستقبلني حجاب بيته بالترحيب والتفتيش.. كانت الابتسامة تشرق من
وجوههم، ومع ذلك كانوا يفتشوني كما تفتش الشرطة المجرمين.
بعد أن مررت عليهم.. طلبت من أحدهم أن يخبر هذا المترجم
بوجودي، فقد عقد أخي لي ميعادا معه.
أوصلني إلى دار الضيافة، وهناك بقيت أنتظر صاحبي كما تنتظر
الرعية وزراءها..
اسم الکتاب : الكلمات المقدسة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 125