responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الباحثون عن الله رواية المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 437

سادسا ـ الملك

في اليوم التالي.. أيقظنا في منتصف الليل رجل منا.. كان مميزا بيننا بكثرة الاهتمام بنا، وكأنه مسؤول عنا.. وكان في اهتمامه بنا يكاد ينشغل عن نفسه انشغالا كليا.

كان كل حين يسأل عن كل فقيد، أو جائع، أو مريض، أو محتاج إلى أي شيء.. فإذا ما وجده سارع إلى كل فرد منا يطلب منه أن يقدم له ما أطاق من الخدمات، يأمره في ذلك وينهاه.

وكان شديد الاهتمام بالنظام.. النظام في كل شيء.. ولذلك كان يتشدد علينا فيه.. بل يتأمر علينا بسببه.. وقد كنا من غير شعور منا نشعر بضرورة إمرته.. فلم يكن يصلح إلا لها.. ولم تكن تصلح إلا له.. ولم نكن نحتاج في ذلك المحل حاجتنا إلى من ينظم أمرنا، ليخفف عنا بعض ما كنا فيه.

وكان مع رحمته تلك ونظامه الصارم شديدا قاسيا على كل من رآه يسلك سلوكا خاطئا.. أو يخاطب غيره بعنف وبذاءة.. أو يتصرف في تلك الغابة القاسية بأي نوع غير مستقيم من التصرفات حتى أن بعضنا مرة غضب من سلوكه معه، وقال: لكأن من يراك تخاطبنا بهذا يتصور أنك قد ملكت هذه الغابة أبا عن جد.. وإلا فما حرصك عليها كل هذا الحرص؟

لم يجبه صاحبنا بشيء.. فقد كان أميل إلى الصمت منه إلى الكلام.. وإلى السلام منه إلى الصراع..

لذلك كله لم يكن يصارع أحدا.. بل كان يرسل بسماته مع أوامره.. فكنا نخضع لها.. أو قل كنا نخضع لبسمته وطلاقة وجهه أكثر من خضوعنا لأوامره الصارمة.

في ذلك اليوم.. أو في تلك الليلة أيقظنا من نومنا.. وقد ملأ البشر وجهه، وهو يقول: أبشروا.. لقد فتح علي اليوم من معرفة الله ما أحسب أننا نقترب به من ربنا الحقيقي.

فرحت الجماعة جميعا، وقالو: هيا.. بشرنا.. هل تذكرت شيئا يدلنا على ربنا؟

قال: أجل.. لقد تذكرت الآن معاني مهمة جدا لها صلة كبيرة بما نحن فيه.. لقد كانت تلك

اسم الکتاب : الباحثون عن الله رواية المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 437
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست