اسم الکتاب : النوازل الفقهية و مناهج الفقهاء في التعامل معها المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 80
بن يحيى، لا
يعدل عن رأيه إذا اختلف عليه الفقهاء، فوقعت قضية تفرد فيها يحيى وخالف جميع أهل
الشورى؛ فأرجأ القاضي القضاء فيها حياء من جماعتهم، وردفته قضية أخرى كتب بها إلى
يحيى، فصرف يحيى رسوله، وقال له: لا أشير عليه بشيء؛ إذ توقف على القضاء لفلان بما
أشرت عليه. فلما انصرف إليه رسوله وعرفه بقوله قلق منه، وركب من فوره إلى يحيى
وقال له: لم أظن أن الأمر وقع منك هذا الموقع، وسوف أقضي له غدا إن شاء الله. فقال
له يحيى: وتفعل ذلك صدقا؟ قال: نعم. قال له: فالآن هيجت غيظي؛ فإني ظننت إذ خالفني
أصحابي أنك توقفت مستخيرا لله متخيرا في الأقوال، فأما إذ صرت تتبع الهوى وتقضي
برضى مخلوق ضعيف؛ فلا خير فيما تجيء به، ولا في إن رضيته منك، فاستعف من ذلك فإنه
أستر لك، وإلا رفعت في عزلك)، فرفع يستعفي فعزل[1].
وذكر حادثة
أخرى عن بعضهم أنه (اكترى جزءا من أرض على الإشاعة، ثم إن رجلا آخر اكترى باقي
الأرض، فأراد المكتري الأول أن يأخذ بالشفعة وغاب عن البلد، فأفتى المكتري الثاني
بإحدى الروايتين عن مالك أن لا شفعة في الإجارات، قال لي: فوردت من سفري، فسألت
أولئك الفقهاء -وهم أهل حفظ في المسائل وصلاح في الدين- عن مسألتي؛ فقالوا: ما
علمنا أنها لك؛ إذ كانت لك المسألة أخذنا لك برواية أشهب عن مالك بالشفعة فيها.
فأفتاني جميعهم بالشفعة، فقضي لي بها) [2]
بل وصل الأمر
ببعضهم – كما يذكر الشاطبي- إلى الى أن يعتبر ذلك
من حقوق الصداقة، قال: (أخبرني رجل عن كبير من فقهاء هذا المصنف مشهور بالحفظ
والتقدم