responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : النوازل الفقهية و مناهج الفقهاء في التعامل معها المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 69

وبناء على هذا نص الغزالي على وجه الورع في التزام الأقوال، فليس الورع فيها بمراعاة أعيانها، وإنما بالقناعة التي ينطلق صاحبها منها، والتي تختلف باختلاف الأحوال، يقول الغزالي: (ولو قال الشارع: يحل ركوب البحر لمن غلب على ظنه السلامة، ويحرم على من غلب على ظنه الهلاك، فغلب على ظن الجبان الهلاك، وعلى ظن الجسور السلامة حرم على الجبان وحل للجسور لاختلاف حالهما، وكذلك لو صرح الشارع وقال: من غلب على ظنه أن النبيذ بالخمر أشبه فقد حرمته عليه، ومن غلب على ظنه أنه بالمباحات أشبه فقد حللته له لم يتناقض)[1]

وبناء على هذا المثال يتوجه ما ذكرنا من اعتبار الأحوال المختلفة التي لا يجدي معها التعصب لقول بعينه.

ثم إن الغزالي - بأسلوبه الجدلي على طريقة المتكلمين - سلم للمخالفين ما أوردوه من اعتبار الحل والحرمة وصفا للأعيان، ورد بأن القول بذلك أيضا لا يتناقض مع ما ذكره، لأنه يكون من الأوصاف الإضافية، فلا يتناقض عقلا أن يكون الشخص الواحد أبا ابنا لكن لشخصين، وأن يكون الشيء مجهولا ومعلوما لكن لاثنين، وتكون المرأة حلالا حراما لرجلين، كالمنكوحة حرام للأجنبي، حلال للزوج، والميتة حرام للمختار، حلال للمضطر.

وعلى هذا المنوال نجد السيوطي يدافع عن هذه المقولة في كتبه ورسائله المختلفة، بل إنه قرر أنه من الناحية العملية، ولو مع عدم القول بهذا، فقد نص كثير من العلماء على أنه لا الإنكار في المسائل المختلف فيها، فلا يصح الإنكار على من أخذ بقول من الأقوال لأي قناعة من القناعات.


[1] المستصفى: 1/355.

اسم الکتاب : النوازل الفقهية و مناهج الفقهاء في التعامل معها المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 69
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست