اسم الکتاب : التنويريون والمؤامرة على الإسلام المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 70
وهكذا كان ابن
نبي كلما سمع آية من القرآن الكريم اهتز واستبشر، وراح يبحث فيها باعتبارها ترياقا
ربانيا، ووصفة إلهية أنعم الله بها على عباده، ليخرجهم من الظلمات إلى النور.
أما أركون،
فكلما سمع آية راح يطبق عليها مقاييسه التي تعلمها من أساتذته، ليبحث في الحالة
النفسية التي أفرزتها، أو في الظاهرة الاجتماعية التي ولدتها، أو في البيئة
الزمانية التي أنتجتها، أو في الظروف المختلفة التي رعتها..
ليخرج بعد كل
ذلك التدبر من القرآن الكريم بما خرج به الوليد بن المغيرة الذي وصف الله تعالى
قراءته للقرآن الكريم؛ فقال: ﴿ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11)
وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا (12) وَبَنِينَ شُهُودًا (13) وَمَهَّدْتُ لَهُ
تَمْهِيدًا (14) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (15) كَلَّا إِنَّهُ كَانَ
لِآيَاتِنَا عَنِيدًا (16) سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا (17) إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ
(18) ﴿فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20)
ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (23)
فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24) إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ
الْبَشَرِ﴾ [المدثر: 11 - 25]
وهكذا فعل
أمثاله من الحداثيين الذين انشغلوا بالمال والبنين وزينة الحياة الدنيا.. فبعد
تفكرهم وتدبرهم وتقديهم، راحوا يقولون عن القرآن: إنه مجرد سحر أثر في بيئة معينة،
وزمن معينة.. وأن سحره قد زال بزوال تلك العصور.
هذا هو الفرق
بين مالك بن نبي ذلك العملاق الكبير في الفكر الإسلامي.. وبين أركون ذلك القزم
الحقير الذي وضع نفسه عبدا من عبيد الغرب، ولأجلهم باع دينه، ولم يظفر بدنياه.
اسم الکتاب : التنويريون والمؤامرة على الإسلام المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 70