اسم الکتاب : التنويريون والمؤامرة على الإسلام المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 68
والاستقرار، لا
منتوجا هلاميا ثقافيا وليد بيئة معينة وزمان معين وأحوال نفسية معينة.
ثم من خلال
القرآن الكريم، ومنابع عظمته ذكر كيف عرف رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)،
وكيف راح يشيد به، باعتباره المثال الأعلى، والنموذج الأكمل، وأنه اصطفاء رباني
لتلك الوظيفة الخطيرة، التي تمثل التنوير الحقيقي، لا التنوير المزيف، كما قال
تعالى في وصف رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم): ﴿يَاأَيُّهَا
النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45)
وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا﴾ [الأحزاب: 45،
46]
ومن خلال هذين
المصدرين: الكتاب والنبوة.. راح ابن نبي يفند الحضارة الغربية، ومعها الفلسفة
المادية التي قامت عليها، ليدعو إلى الحضارة الإيمانية التي تنطلق من المقدس
باعتباره يمثل الحقيقة المطلقة، التي لا يمكن التعرف على القيم الثابتة للكون إلا
من خلالها.
ومن خلال تلك
المناقشات للفكر المادي، والحضارة التي قام عليها طرح لنا ابن نبي البديل الحضاري
والتنويري.. والذي ينسجم تماما مع هوية الأمة وشخصيتها، بل يجعلها ـ إن هي التزمت
بمقدساتها ـ في مرتبة أسمى بكثير من تلك المرتبة التي دعانا إليها أركون وغيره من
التنويريين.
هذا هو مالك بن
نبي مصداق الأترجة التي وردت في الحديث الشريف.. أما الثاني، فلا يهمنا ماذا ينطبق
على شخصه.. هل ينطبق عليه وصف التَّمرة
التي لا ريح لها، وطعمُها حلوٌ، أو وصف الرَّيحانة؛ التي ريحها طيِّب، وطعمها مر، أو
وصف الحنظلة؛ التي ليس لها ريح، وطعمها مرٌّ.. ولكن يهمنا وصف أفكاره التي لا شك
في كونها لا تختلف أبدا عن الحنظلة.. فهي مرة، ولا ريح لها، وإن كان لها ريح فهي ريح منتنة.
اسم الکتاب : التنويريون والمؤامرة على الإسلام المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 68