responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التنويريون والمؤامرة على الإسلام المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 31

ويقول عنها: (يستطيع القاريء أن يدرك أسباب الفوضى الدلالية السائدة اليوم في اللغة العربية فيما يخص التعبير عن الحداثة الفكرية.. لهذا السبب لم نوفق بعد إلى إيجاد مصطلحات وافية سليمة للدلالة الفكرية الكاملة على مفهومات.. ولا يعني ذلك أبدا أن اللغة العربية غير قادرة على تأدية المعاني التابعة لتلك المفهومات؛ وإنما يعني أنها كسائر اللغات لها تاريخها الفكري الخاص، أي منظومتها الخاصة من الدلالات الحافة المرتبطة بالنزاعات الايديولوجية بين القوى الاجتماعية وأنها بحاجة إلى تطوير وتجديد.. ولا يعود هذا إلى أن اللغة العربية قاصرة عن ذلك... لقد قام الدكتور هاشم صالح باجتهاد مثمر في هذا الميدان وساهم مسامة جدية في إثراء اللغة العربية والفكر الإسلامي بتلك الأجهزة من المفهومات والاصطلاحات التي أشرت إليها كأجهزة لازمة لمن يريد التعرف النقدي على الفكر الإسلامي لا في مراحله التاريخية فحسب، بل أيضا في الممارسات المعاصرة المتعددة بتعدد الحركات الاجتماعية والسياسية التي تقدم نفسها في معاجم وتصورات إسلامية... لقد ألححت على هاشم صالح حتى يكثر من الشروح والتعليقات في هوامش الصفحات لكي يساعد القاريء على الفهم الدقيق وينقذه من سوء الفهم والتورط في أحكام سريعة على أشياء لم يعرفها حق المعرفة)[1]

وليت موقفه اكتفى بالعربية كوسيلة من وسائل الاتصال، بل إن موقفه راح للمصادر المقدسة نفسها، يطبق عليها كل المناهج الغربية، ليفرغها من مضمونها.

بل إنه راح يسخر من الفرنسيين الذين درسوا القرآن الكريم بصدق، وراحوا

التنويريون والمؤامرة على الإسلام، ص:2 3

يذكرون شهادتهم في ذلك، ومنهم الطبيبُ الفرنسي [موريس بوكاي] صاحب كتاب [القرآن والكتاب المقدَّس والعلم]، والذي ألفه في أواخر سبعينيَّات القرْن العشرين، والذي عرض فيه الكتُب السماوية على الحقائق العلميَّة والذي وصل من خلاله إلى أنَّ التحريف طال التوراةَ والإنجيل، بينما تتوافق الحقائقُ القرآنية مع المنتجات العلمية ولا تتعارض معها.

وكان الموقف الأصلي الذي يتخذه كل باحث صادق، هو أن يذهب إليه، ويستفسره عن هذا الموقف، لكن أركون لم يفعل ذلك، وإنما راح يسخر منه، على الرغم من الشهرة الكبيرة التي نالها الكتاب وصاحبه، والتي لم تعجب أركون، بل علق عليها بقوله: (إنَّ بوكاي ألَّف هذا الكتاب تزلُّفًا للمسلمين)

ولم ينس أنه هو من يؤلف كتبه تزلفا للفرنسيين، بل قد صرح بذلك مرات كثيرة في كتبه، فقد قال يتحدث عن نفسه في سيرته الذاتية: (يقولون ـ أي الغربيين ـ لي مستغربين أو مدهوشين: كيف يمكن لشخص مسلم مثلك أن يتحدث بهذه الطريقة؟ ياله من شيءٍ رائعٍ وباعث للأمل؛ أن نسمع مسلماً ليبراليّاً أو متحرراً مثلك .. ولكن لا يمكن أن تحظى بصفة تمثيلية في بلادك، أو بين أبناء دينك، فخطابك يمشي على عكس التيار، أو عكس الإسلام)[2]

وقد كان جزاؤه من الدوائر التي استنبتته، تلك الشهرة العظيمة التي نالها، والتي لم تجعل منه مثلما جعلت من طه حسين عميدا للأدب فقط، وإنما جعلته مجددا ومفكرا إسلاميا عريقا، مع كون كتاباته، وخاصة بلغتها الأصلية تحمل كل ألوان


[1] تاريخية الفكر العربي الإسلامي،ص:8-9.

[2] قضايا في نقد العقل الديني؛ لمحمد أركون (22)، ترجمة: هاشم صالح، دار الطليعة، بيروت، ط أولى، 1998م.

اسم الکتاب : التنويريون والمؤامرة على الإسلام المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 31
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست