هناك ظاهرتان واضحتان أراهما في زعماء التشدد في التاريخ الإسلامي تحتاجان
إلى محللين نفسيين لإبراز منبعهما النفسي:
أما الأولى، فهي ذلك الاستعلاء والتكبر على المستضعفين من المسلمين أو غير
المسلمين إلى درجة رفض الحوار والتعايش، بل الدعوة إلى إلغائهم واستئصالهم.
وأما الثانية، فهي ذلك الخنوع، وتلك الذلة أمام المستكبرين، سواء كانوا
حكاما أو رجال أعمال أو أي شخص يستلم أي مسؤلية، أو تناط به أي مهمة.
والأمثلة على هذا أكثر من أن تحصى، وربما تحدثنا عن بعض هذا سابقا.. وربما
سنتحدث عنه لاحقا.
وكمثال على ذلك نذكره اليوم قصة حصلت معي، وربما حصلت معكم، ومن لم تحصل
معه، يمكنه أن يذهب إلى التراث الكبير لهؤلاء ليراها بعينه.. وإن لم يكن من هواة
المطالعة، فيمكنه أن يشاهدها على القنوات التلفزيونية الدينية الكثيرة التي صارت
حكرا على هؤلاء المتشددين.
كنت ذات يوم أسير مع قافلة كانت تصحب بعض المشايخ الذين وفدوا إلى قريتي..
واهتزت القرية لحضورهم.. لا لشيء، سوى أن هذا الشيخ قدم من دولة تحتضن الحرمين
الشريفين.. وقد تصور الناس أنهم بالتمسح بهم أو السير معهم سينالون بركات الحرم
وأنواره..
كان الشيخ ينظر إلى المحلات، فيعجبه بعضها، وينتقد بعضها، ويسخر من بعضها
بتعال وكبرياء أثارت حفيظة بعض الناس، فغادر القافلة متأففا متضجرا.. لكني - ولبلادة
طبعي - بقيت.. لعلي أرى مشاهد أخرى.. فقد تعودت على أمثال تلك المشاهد، ولم تعد
تؤثر في.