اسم الکتاب : شيخ الإسلام في قفص الاتهام المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 63
وقال في كتاب
(الجوهر المنظم في زيارة القبر الشريف النبوي المكرم): (فإن قلت كيف تحكي الإجماع
السابق على مشروعية الزيارة والسفر إليها وطلبها، وابن تيمية من متأخري الحنابلة
منكر لمشروعية ذلك كله؟ كما رآه السبكي في خطه، وأطال – أعني ابن تيمية – في الاستدلال لذلك بما تمجه الأسماع
وتنفر عنه الطباع، بل زعم حرمة السفر لها إجماعاً وأنه لا تقصر فيه الصلاة، وأن
جميع الأحاديث الواردة فيها موضوعة، وتبعه بعض من تأخر عنه من أهل مذهبه.. قلت: من
ابن تيمية حتى ينظر إليه أو يعول في شيء من أمور الدين عليه، وهل هو إلا كما قال
جماعة من الأئمة الذين تعقبوا كلماته الفاسدة وحججه الكاسدة حتى أظهروا عوار
سقطاته وقبائح أوهامه وغلطاته كالعز بن جماعة: عبد أضله الله تعالى وأغواه وألبسه
رداء الخزي وأرداه، وباه من قوة الافتراء والكذب ما أعقبه الهوان وأوجب له الحرمان،
وقد تصدى شيخ الإسلام وعالم الأنام، المجمع على جلالته واجتهاده وصلاحه وإمامته
التقي السبكي قدس الله روحه ونور ضريحه، للرد عليه في تصنيف مستقل، أفاد فيه وأجاد
وأصاب، وأوضح بباهر حججه طريق الصواب فشكر الله تعالى مسعاه... وما وقع من ابن
تيمية مما ذكر، وإن كل عثرة لا تقل أبداً ومصيبة يستمر عليه شؤمهاً دوماً سرمداً
ليس بعجيب، فإنه ضرب مع المجتهدين بسهم صائب، وما درى المحروم أنه أتى بأقبح
المعايب، إذ خالف إجماعهم في مسائل كثيرة، وتدارك على أئمتهم سيما الخلفاء
الراشدين باعتراضات سخيفة شهيرة، وأتى من نحو هذه الخرافات بما تمجه الأسماع وتنفر
عنه الطباع حتى تجاوز إلى الجناب الأقدس منزه سبحانه وتعالى عن كل نقص والمستحق
لكل كمال أنفس، فنسب إليه العظائم والكبائر، وأخرق سياج عظمته وكبرياء جلالته بما
أظهره للعامة على المنابر من دعوى الجهة والتجسيم، وتضليل من لم يعتقد ذلك من المتقدمين
والمتأخرين حتى قام عليه علماء عصره وألزموا السلطان بقتله أو حبسه وقهره، فحبسه
إلى أن مات، وخمدت تلك البدع وزالت تلك الظلمات، ثم انتصرت له أتباع لم يرفع
اسم الکتاب : شيخ الإسلام في قفص الاتهام المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 63