اسم الکتاب : شيخ الإسلام في قفص الاتهام المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 187
ثم لا يكتفي
بذلك.. بل يذهب يفسر الحديث حرفا حرفا يستنبط منه كل صنوف التجسيم والتشبيه،
فيقول: (وقوله فيظل يضحك هو من صفات أفعاله سبحانه وتعالى التي لا يشبهه فيها شيء
من مخلوقاته كصفات ذاته، وقد وردت هذه الصفة في أحاديث كثيرة لا سبيل إلى ردها كما
لا سبيل إلى تشبيهها وتحريفها.. وكذلك فأصبح ربك يطوف في الأرض هو من صفات فعله..والكلام
في الجميع صراط واحد مستقيم إثبات بلا تمثيل بلا تحريف ولا تعطيل.. وقوله: فيأخذ
ربك بيده غرفة من الماء فينضح بها قبلكم فيه إثبات صفة اليد له سبحانه بقوله
وإثبات الفعل الذي هو النضح)[1]
قال القاضي:
ولكن ألا ترى تناقضا بين هذا الذي ذكرته عنهم، وبين ما يذكرونه من عظمة الله، وأن
السموات والأرض لا تساوي شيئا أمام يمينه.. فكيف يطوف الإله في الأرض.. وهل الأرض
تطيق أن تحمله؟
قلت: لقد
أورد بعض خصوم ابن تيمية عليه مثل هذا التساؤل، فأجابه بقوله: (يقال لهذا
البَقْبَاق النفاخ إن الله أعظم من كل شيء وأكبر من كل خلق ولم يحمله العرش
عِظَمًا ولاقوة ولا حملة العرش حملوه بقوتهم ولا استقلوا بعرشه ولكنهم حملوه
بقدرته وقد بلغنا أنهم حين حملوا العرش وفوقه الجبار في عزته وبهائه ضَعفوا عن
حمله واستكانوا وجَثَوا على رُكَبِهم حتى لُقّنوا لا حول ولا قوة إلا بالله
فاستقلوا به بقدرة الله وإرادته ولولا ذلك ما استقلّ به العرش ولا الحملة ولا
السموات والأرض ولا من فيهن ولو قد شاء لاستقر على ظهر بعوضة فاستقلت به)[2].. هل رأيت سيدي مثل هذه الجرأة على
الله.. وهل رأيت في تاريخ الأديان من يجوز أن تحمل الله بعوضة؟
قال القاضي:
إن هذا القول من ابن تيمية يدل على أنه يقول بأن الله يتشكل كما