فقوله كل حين (كيف يكون من
أهل السنة والجماعة) نوع من التلبيس على القراء، لأن الصحيح عندهم هو
(كيف يكون من المسلمين)، لأن كل ما ذكره من تأويلات هي ما
يتفق السلفية جميعا على تكفير من يقول بها، ويسمونه جهميا، إما حقيقة ـ كما هو الحال
بالنسبة للسلف الأول ـ أو تقية كما هو الحال بالنسبة للسلف الآخر، لأنه لم يبق أحد
يتحدث في مثل هذه المسائل بهذا المنهج إلا الأشاعرة أو إخوانهم من الماتريدية أو
المعتزلة أو إخوانهم من الشيعة والإباضية.
وبما أن سند السلفية الأول هو الرجال ومواقفهم، فقد
وضع الكاتب فصلا لأعلام السلفية ومواقفهم من الأشاعرة، وأولهم هو رجل السلفية الأول، وعمدتهم الأكبر الإمام أحمد
الذي بدع الكلابية الذين يعتبرهم السلفية سلف الأشاعرة الأوائل، كما قال ابن تيمية:
(والكلابية هم مشايخ الأشعرية فإن أبا الحسن الأشعري إنما اقتدى بطريقة أبي محمد
بن كلاب وابن كلاب كان أقرب إلى السلف زمنا وطريقة، وقد جمع أبو بكر بن فورك شيخ
القشيري كلام ابن كلاب والأشعري وبين اتفاقهما في الأصول ولكن لم يكن كلام أبي عبد
الرحمن السلمي قد انتشر بعد فإنه انتشر في أثناء المائة الرابعة لما ظهرت كتب
القاضي أبي بكر بن الباقلانى ونحوه)[1]
وقد أورد عبدالعزيز الريس مقالة أبي بكر بن خزيمة لما قال له أبو علي الثقفي:
(ما الذي أنكرت أيها الأستاذ من مذاهبنا
حتى نرجع عنه؟ فقال: ميلكم إلى مذهب الكلابية، فقد كان أحمد بن حنبل من أشد الناس على عبد الله بن سعيد بن
كلاب، وعلى أصحابه مثل الحارث وغيره)[2]