لكن السلفية أولوا كل هذه
النصوص، فاعتبروا المحبة مجرد الاتباع، وقصروا الاتباع على بعض الظواهر التي
يخالفون فيها سائر المسلمين.. ولهذا صار الحب عندهم قاصرا على ما يسمونه تطبيق
السنة.. وتطبيق السنة عندهم قاصر على تلك الظواهر التي ترتبط بهندامهم وحركاتهم وأكلهم
وشربهم.. أما الشوق إلى رسول الله k والتعلق به والحنين إليه، فيحذرون منه خشية أن يجر إلى الشرك..
ومن هذا الباب.. باب التعلق
برسول الله k،
واعتقاد منزلته عند الله، توجهت الأمة منذ عصورها الأولى إلى الاستشفاع والتوسل
والاستغاثة به k كلما احتاجت إلى ذلك.. ذلك أن الله تعالى أخبر أن من حكمته وسنته
في خلقه قبول شفاعة الشافعين من المقربين إليه، وأخبر رسول الله k أنه أولى بهذه الشفاعة من غيره، وفي
أكثر المواقف حساسية، وهو ذلك الموقف العظيم يوم القيامة.. فمن شفع يوم القيامة لا
يحال عليه أن يشفع في الدنيا.. لأن الدنيا والآخرة مرتبتان فقط، والقوانين الجارية
فيهما واحدة.. فإن كانت الاستغاثة والتوسل شركا في الدنيا، فهي كذلك في الآخرة..
وإن لم تكن شركا في الآخرة ـ كما ورد في الأحاديث الشريفة ـ فلن تكون أيضا شركا في
الدنيا.
بالإضافة إلى ذلك فإن موت رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم لا يغاير حياته إلا في ناحية واحدة، وهي
انقطاع الوحي، أما ما عداه فإن حياته a لاشك فيها، بل تدل عليها كل الأدلة.. فإن كان الشهداء، وهم أدنى
بآلاف آلاف الدرجات من رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم قد نفى الله موتهم، ونهى عن اعتقاد ذلك، فقال تعالى:﴿ وَلا
تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ
عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾ (آل عمران:169)، فكيف برسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم وهو سيد الشهداء