والعجيب أن
رجلا مثل الألوسي، ومع كونه من الصوفية، ولكن نتيجة اختلاطه مع أهل الحديث،
وتعظيمه لهم، أو مهادنته لهم، وقع فيما وقعوا فيه من الإساءة للأنبياء عليهم
الصلاة والسلام، فقد قال في تفسيره: (وهذه الآية عندي من المشكلات، وللعلماء فيها
كلام طويل، ونزاع عريض، وما ذكرناه، هو الذي يشير إليه الجبائي، وهو مما لا بأس به
بعد إغضاء العين عن مخالفته للمرويات.. وقد يقال: أخرج ابن جرير عن الحبر: أن
الآية نزلت في تسمية آدم، وحواء ولديهما بعبد الحارث، ومثل ذلك لا يكاد يقال من
قبل الرأي، وهو ظاهر في كون الخبر تفسيرا للآية.. وأنت قد علمت أنه إذا صح الحديث
فهو مذهبي، وأراه قد صح، ولذلك أحجم كميت قلمي عن الجري، في ميدان التأويل، كما
جرى غيره والله تعالى الموفق للصواب)[2]
ولست أدري ـ
وهو العالم المحقق ـ كيف يأخذ عقيدة من حديث ورد بالآحاد، وفيه ما فيه من آثار الإسرائيليات.
ولو أنه طبق
مذهب أهل الحديث الذين تأثر بهم، وقرأ ما قال ابن كثير فيه، لعدل عن ذلك الورع
البارد، فقد قال ابن كثير بعد إيراده للحديث: (كان الحسن يقول: هم اليهود
والنصارى، رزقهم الله أولادا، فهودوا ونصروا، وهذه أسانيد صحيحة عن الحسن، رحمه
الله، أنه فسر الآية بذلك، وهو من أحسن التفاسير وأولى ما حملت عليه الآية، ولو
كان هذا الحديث عنده محفوظا عن رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)،
لما عدل عنه هو ولا غيره، ولا سيما مع تقواه لله وورعه، فهذا يدلك على أنه موقوف
على الصحابي، ويحتمل أنه