اسم الکتاب : السلفية والنبوة المدنسة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 177
ينبغي لأحد من بعدي أن يحصل عليه.. فإن
هذا الملك مهما كان عظيما.. وذلك الفضل مهما كان وفيرا لن يحجباني عنك، ولن يبعدا
قلبي عن الرغبة فيك.. فإني لا أرى الأشياء مهما كثرت إلا منك.. ولا أرى نفسي إلا
بك.. فكيف أحجب بهداياك الواصلة إلي.. أم كيف أنشغل بفضلك عنك؟)
وقد أشار
الشريف المرتضى في رده على المخطئة ما وصموا به نبي الله سليمان (ع) في هذا الجانب إلى قريب من هذا المعنى الذي
ذكرناه، فقال: (قد ثبت أن الأنبياء عليهم السلام لا يسألون إلا ما يؤذن لهم في
مسألته، لا سيما إذا كانت المسألة ظاهرة يعرفها قومهم. وجائز أن يكون الله تعالى
أعلم سليمان (ع) أنه إن سأل ملكا لا يكون لغيره كان أصلح
له في الدين والاستكثار من الطاعات، وأعلمه أن غيره لو سأل ذلك لم يجب إليه من حيث
لا صلاح له فيه. ولو أن أحدنا صرح في دعائه بهذا الشرط حتى يقول اللهم اجعلني أيسر
أهل زماني وارزقني مالا يساويني فيه غيري إذا علمت أن ذلك أصلح لي وأنه أدعى إلى ما
تريده مني، لكان هذا الدعاء منه حسنا جميلا وهو غير منسوب به إلى بخل ولا شح. وليس
يمتنع أن يسأل النبي هذه المسألة من غير إذن إذا لم يكن شرط ذلك بحضرة قومه، بعد
أن يكون هذا الشرط مرادا فيها، وإن لم يكن منطوقا به)[1]
ثم ذكر وجها
آخر أكثر دلالة، فقال: (ووجه آخر: وهو أن يكون (ع) إنما التمس أن يكون ملكه آية لنبوته ليتبين بها عن غيره ممن ليس نبيا.
وقوله ﴿لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي﴾ [ص: 35] أراد به لا
ينبغي لأحد غيري ممن أتى مبعوث إليه، ولم يرد من بعده إلى يوم القيامة من النبيين (ع). ونظير ذلك أنك تقول للرجل أنا أطيعك ثم لا أطيع
أحدا بعدك، تريد ولا أطيع أحدا سواك. ولا تريد بلفظة بعد المستقبل، وهذا وجه قريب)[2]