ومن الروايات
التي صوروا بها الحادثة ما رووه عن ابن عباس، قال: (بعثه الله، يعني يونس إلى أهل
قريته، فردوا عليه ما جاءهم به وامتنعوا منه، فلما فعلوا ذلك أوحى الله إليه: إني
مرسل عليهم العذاب في يوم كذا وكذا، فاخرج من بين أظهرهم، فأعلم قومه الذي وعده
الله من عذابه إياهم، فقالوا: ارمقوه، فإن خرج من بين أظهركم فهو والله كائن ما
وعدكم، فلما كانت الليلة التي وعدوا بالعذاب في صبحها أدلج ورآه القوم، فخرجوا من
القرية إلى براز من أرضهم، وفرقوا بين كل دابة وولدها، ثم عجوا إلى الله،
فاستقالوه، فأقالهم، وتنظر يونس الخبر عن القرية وأهلها، حتى مر به مار، فقال: ما
فعل أهل القرية؟ فقال: فعلوا أن نبيهم خرج من بين أظهرهم، عرفوا أنه صدقهم ما
وعدهم من العذاب، فخرجوا من قريتهم إلى براز من الأرض، ثم فرقوا بين كل ذات ولد
وولدها، وعجوا إلى الله وتابوا إليه، فقبل منهم، وأخر عنهم العذاب، قال: فقال يونس
عند ذلك وغضب: والله لا أرجع إليهم كذابا أبدا، وعدتهم العذاب في يوم ثم رد عنهم،
ومضى على وجهه مغاضبا)[1]
وهذا حديث
خطير، فهو يصور يونس (ع) بصورة الغاضب من ربه، لأنه لم ينفذ
العذاب عليهم.. ويصورونه فوق ذلك بصورة الغليظ القاسي الذي لم يفرح بإيمان قومه، بل
يصورونه حزينا لأجل إيمانهم.