اسم الکتاب : السلفية والوثنية المقدسة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 35
سلفهم ـ لا ينفون حقيقة التجسيم ومعناه، وإنما ينفون فقط إطلاق اسم
الجسم على الله، أو اعتبار الجسم صفة من صفات الله، لكون التسمية والوصف توقيفية
.. أما حقيقة التجسيم التي تعني الحيز والحدود والمكان والجهة والتركيب والوزن
والحجم وغير ذلك.. فهم لا ينكرون اتصاف الله بذلك.
وكمثال على ذلك ما أورد ابن تيمية في كتبه العقدية المختلفة من النصوص
الدالة على عدم الحرج في وصف الله بكونه جسما من الأجسام، بناء على المعنى، لا على
اللفظ..
فعندما راح يبين سبب عدم إطلاق السلف لفظ الجسم لا نفياً ولا إثباتاً لله
تعالى لم يذكر أن ذلك لتناقضه مع العقل أو مع القرآن، وإنما ذكر لذلك وجهين: (أحدهما:
أنه ليس مأثوراً لا في كتاب ولا سنة، ولا أثر عن أحد من الصحابة والتابعين لهم
بإحسان، ولا غيرهم من أئمة المسلمين، فصار من البدع المذمومة.. الثاني: أن
معناه يدخل فيه حق وباطل، فالذين أثبتوه أدخلوا فيه من النقص والتمثيل ما هو باطل،
والذين نفوه أدخلوا فيه من التعطيل والتحريف ما هو باطل)[1]
ومراد ابن تيمية من التعطيل والتحريف – في هذا النص – هو تنزيه الله عن لوازم
الجسمية كالحيز والحدود ونحوها.. أو كما أشار إلى ذلك في قوله في كتابه (منهاج
السنّة): (وقد يراد بالجسم ما يشار إليه، أو ما يرى، أو ما تقوم به الصفات، والله
تعالى يُرى في الآخرة وتقوم به الصفات ويشير إليه الناس عند الدعاء بأيديهم
وقلوبهم ووجوههم وأعينهم.. فإن أراد بقوله: (ليس بجسم) هذا المعنى قيل له: هذا
المعنى ـ الذي قصدت نفيه بهذا اللفظ ـ معنى ثابت بصحيح المنقول وصريح المعقول وأنت
لم تقم دليلاً على نفيه.. وأمّا اللفظ فبدعة نفياً وإثباتاً، فليس في الكتاب ولا
السنّة، ولا قول أحد من سلف الأُمّة وأئمتها إطلاق