وقد فسروا بهذا الحديث قوله تعالى: ﴿ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ
وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [الحديد: 3]
بل ذكروا أن جبريل عليه السلام كان إذا احتاج إلى سؤال الله رحل إليه،
ودنا منه، ليسأله، وكأنه لم ينزل على رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) قوله تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي
قَرِيبٌ﴾ [البقرة: 186]
ومن تلك الروايات التي أوردوها في هذا أن رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) سأل جبريل عليه السلام: أي بقاع
الأرض أشر؟، قال: الله أعلم، قال: ألا تسأل ربك عز وجل؟ قال: ما أجرأكم يا بني آدم
إن الله لا يسئل عما يفعل، ثم عاد إلى رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)، فقال: (إني دنوت من ربي حتى كنت منه بمكان لم أكن قط أقرب منه،
كنت بمكان بيني وبينه سبعون حجابا من نور، فأوحى الله تبارك وتعالى إلي أن شر بقاع
الأرض السوق)[2]
وفي رواية أخرى أن جبريل عليه السلام قال لرسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) بعد رحلته الطويلة: (يا محمد،
لقد وقفت اليوم موقفا لم يقفه ملك قبلي ولا يقفه ملك بعدي، كان بيني وبين الجبار
تبارك وتعالى سبعون ألف حجاب من نور، الحجاب يعدل العرش والكرسي والسماوات والأرض
بكذا وكذا ألف عام، فقال: أخبر محمدا (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) أن خير البقاع المساجد، وخير أهلها أولهم دخولا، وآخرهم خروجا، وشر
البقاع الأسواق، وشر أهلها أولهم دخولا، وآخرهم خروجا)[3]
بل إنهم يفسرون قوله تعالى عن موسى عليه السلام: ﴿وَقَرَّبْنَاهُ
نَجِيًّا﴾ [مريم: 52]