اسم الکتاب : رسول الله..والقلوب المريضة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 20
الأنبياء والقول بطهارتهم تحريفا.. وله الحق في ذلك، فالسنة التي يقصدها
هي السنة المذهبية، لا السنة النبوية.
بل إن ابن تيمية ـ نتيجة سوء فهمه للنبوة ـ لا يرى المعصية قادحا في كمال
الأنبياء، وفي استحقاقهم للوظائف الخطيرة التي كلفوا بها، يقول في ذلك – أثناء رده على المنزهة
-: (ونكتة أمرهم أنهم ظنوا وقوع ذلك من الأنبياء والأئمة نقصا، وأن ذلك يجب
تنزيههم عنه، وهم مخطئون إما في هذه المقدمة، وإما في هذه المقدمة.. أما المقدمة
الأولى فليس من تاب إلى الله تعالى وأناب إليه بحيث صار بعد التوبة أعلى درجة مما
كان قبلها منقوصا ولا مغضوضا منه، بل هذا مفضل عظيم مكرم، وبهذا ينحل جميع ما
يوردونه من الشبه، وإذا عرف أن أولياء الله يكون الرجل منهم قد أسلم بعد كفره وآمن
بعد نفاقه وأطاع بعد معصيته، كما كان أفضل أولياء الله من هذه الأمة - وهم
السابقون الأولون - يبين صحة هذا الأصل)[1]
ومن خلال هذا النص يتبين لنا الدافع الذي جعل ابن تيمية يحطم كل تلك
المكانة الرفيعة التي نالها الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في قلوب الناس بسبب
طهارتهم وعصمتهم، وهو مبالغته في شأن الصحابة.. فهو لا يريد أن يتهمهم الناس
بالنقص لكونهم أسلموا بعد كفر، وأطاعوا بعد معصية، فلم يجد إلا أن يلحق الأنبياء
بهم.
بل إن الأمر بلغ به إلى المماراة في القطعيات، فيحاول بكل الوسائل أن
يقنع أتباعه بدور المعصية في تحقيق الكمال.
يقول في ذلك: (والإنسان ينتقل من نقص إلى كمال، فلا ينظر إلى نقص
البداية، ولكن ينظر إلى كمال النهاية، فلا يعاب الإنسان بكونه كان نطفة ثم صار
علقة ثم صار مضغة، إذا كان الله بعد ذلك خلقه في أحسن تقويم.. فمن يجعل التائب
الذي اجتباه الله وهداه منقوصا بما كان من الذنب الذي تاب منه، وقد صار بعد التوبة
خيرا مما كان قبل التوبة، فهو جاهل