responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كيف تناظر ملحدا..؟ المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 85

ولهذا كان البحث في العلل قديما قدم الفكر نفسه، فمنذ العصور الفلسفية لليونان اهتم أرسطو بدرس العلل، وقسمها إلى علل أربع: المادية، والصورية (الهيولى)، والفاعلية، والغائية[1].. وقد أثبت بالأدلة العقلية أن الله هو العلة الأولى، وليس معلولا لشيء آخر.

لكن الملاحدة راحوا يتعنتون في قبول هذا المبدأ، ويتلاعبون به مع كونهم يستعملونه، حتى لا يعطوا الفرصة للمؤمنين في استعماله لإثبات وجود الله.

ولعل أهم من تولى كبر ذلك، وعنه نقله سائر الملاحدة [ديفيد هيوم[2]] الذي تميز عن غيره من الفلاسفة بسلوكه خطاً فلسفيا جديداً خطيرا.. فلا هو تبع المثالية المشغولة بالتأمل العقلي.. ولا هو ناصر المذهب التجريبي.. بل ذهب إلى أن مصدر المعرفة للإنسان لا يكون بالعقل، كما أنه لا يكون بالحواس.. وإنما يكون بالعادة والتكرار..

ولذلك أنكر وجود ما يسمى بالعقل البشري، وقال: إن العقل ليس سوى ذاكرة نحفظ بها تجاربنا وتجارب الآخرين.. وبهذا أبطل العلية، وفتح الباب على مصراعيه لهدم المنهج الإستقرائي، ومنه لهدم المنهج التجريبي.. وبذلك أحدث من الفضائح الفلسفية ما هو وبال على البشرية جميعا.

وقد عبر بعضهم عن فعلته تلك، فقال: (هيوم أول فيلسوف أوروبي نقل فكرة العلة من معانيها الأرسطية إلى معنى التتابع المجرد بين السبب والمسبب، أي التتابع الذي لا يعني


[1] تاريخ الفلسفة اليونانية ليوسف كرم، 148.

[2] ديفيد هيوم (1711، 1776)، فيلسوف واقتصادي ومؤرخ اسكتلندي ولد وتوفي بأدنبره، أهم كتبه: بحث في الطبيعة الإنسانية، ثلاثة أجزاء، وفحص عن الفهم الإنساني، وفحص عن مبادئ الأخلاق، والتاريخ الطبيعي للديني، وغير ذلك راجع تاريخ الفلسفة الحديثة ليوسف كرم 172 ـ 173.

اسم الکتاب : كيف تناظر ملحدا..؟ المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 85
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست