اسم الکتاب : كيف تناظر ملحدا..؟ المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 457
الماركسيون
يرجع إلى الأوّل دون الثاني، فالعقيدة حقيقة موجودة في طبيعة الإنسان ومختمرة
بفطرته، وقد استغلّها بعض الأشخاص لمصلحته، وهذا واقع في أشياء أُخرى أيضاً، كما
في الطب وأشباهه، فلا يصحّ أن يقال: انّ الطب قضيّة مخترعة لا واقع لها ولا ضرورة،
لأنّ بعض الأشخاص أو بعض الأطباء استخدم الطب لاستدرار الأرباح، واستجرار المنافع
من ورائها.
أو كما عبر عن
ذلك [ويل ديورانت] بقوله: (إنّ الكاهن لم يخلق الدين خلقاً لكن استخدمه لأغراضه
فقط كما يستخدم السياسي ما للإنسان من دوافع فطرية وعادات، فلم تنشأ العقيدة
الدينية من تلفيقات وألاعيب كهنوتية انّما نشأت عن فطرة الإنسان بما فيها من تساؤل
لا ينقطع)[1]
حادي عشر: لو
سلّمنا جدلا بما ذكره الماركسيون من أنّ الدين كان يستخدم كوسيلة لمصلحة الأثرياء
وإضعاف الفقراء، فإنّ ذلك إنّما يصحّ بالنسبة للمذاهب الّتي طالتها أيدي التحريف، أو
الّتي أوجدها الاستعمار، ولا يصلح ذلك دليلاً لتعميم هذا الحكم على كافة الشرائع.
حيث أننا نجد في
القرآن الكريم يزخر بتصريحات هامّة وواضحة للأنبياء السابقين ضد المستغِلّين، ونجد
أيضاً كيف أنّ دعواتهم كانت ملجأ للمحرومين والمظلومين وسبيلاً إلى كسر شوكة
الظالمين ودحر المستغِلّين، وإعادة الحقوق إلى أصحابها.
حيث نجد فيه عند
ذكر الهدف من إرسال موسى عليه السلام قوله تعالى: ﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا
فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ
يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ
الْمُفْسِدِينَ (4) وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي
الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً