responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كيف تناظر ملحدا..؟ المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 442

أنّه لازالت هناك حوادث لم تقع في إطار هذا العلم، ولا زالت تعاني من الإبهام والغموض، وهذا هو الّذي سبب نشوء العقيدة الدينية)

ومن هنا نجد الملاحدة ينادون بتنافي العلم والدين، لأنّ (العلم) عندهم يسند الأُمور إلى عللها الطبيعية، ويكشف عن العلاقات المادية بين الظواهر الطبيعية ومناشئها، بينما يسند (الدين) كلّ تلك الظواهر والحوادث إلى علّة واحدة يقيمها مكان جميع العلل الواقعية.

ولهذا أيضاً ذهبوا إلى أنّ تقدّم العلوم ونجاحها في كشف الموضوعات الطبيعية، والسنن الحاكمة في الكون يزعزع مكانة الدين، ويوجب انحسار الاعتقاد بالخالق، وتراجعه إلى زاوية النسيان.

ومن الانتقادات الموجهة لهذه النظرية:

أولا ـ ما ذكرناه سابقا من أنّ افتعال مثل هذه الفروض والاحتمالات إنّما يصحّ في الأُمور والعادات التي لم يكن لها علّة واقعية ـ روحية أومنطقية ـ عند البشر، أمّا عندما يكون للعادة أو الحالة سبب واضح ـ كما هو الحال في مسألة الاعتقاد بالله ـ فلا مجال لمثل هذه التعليلات، بل هي حينئذ تكون ضربا من الخيال الّذي تأباه العقول السليمة، ويرفضه المنطق السوي.

ثانياً: انّ هذا التحليل ينمّ عن جهل صاحبه باعتقاد الإلهيّين ومنطقهم على اختلاف مسالكهم ومشاربهم؛ فإنّ الاعتقاد بخالق للكون باعتباره العلّة العليا ـ عند الإلهيّين ـ لا يعني تجاهل العلل الطبيعية، وإنكار الروابط المادية بينها وبين معاليلها، ليكون انكشاف العلل والروابط في ضوء العلم سبباً لتزعزع الاعتقاد بوجود الله وانحساره.

ونسبة هذا الإمر إلى الإلهيّين محض كذب وافتراء، وعين الظلم والجفاء، وأيّ ظلم أشد من أن ننسب إلى طائفة كبرى من البشر ما لا يقولون به، بل وما هم بريئون منه، فانّ الاعتقاد بالله ليس ـ عندهم ـ بمعنى إنكار العلل، بل هو بمعنى أنّهم يعتقدون بأنّ النظام العلّي

اسم الکتاب : كيف تناظر ملحدا..؟ المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 442
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست