responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كيف تناظر ملحدا..؟ المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 411

المفعول فهو شر إضافيّ أيضًا، وهو ما حصل له من التألّم وفاتَه من الحياة، وقد يكون ذلك خيرًا له من جهة أخرى، وخير لغيره. وكذلك الوطء، فإنّ قوّة الفاعل وقبول المحل كمال، ولكنّ الشر في العدول به عن المحل الذي يليق به إلى محلّ لا يحسن ولا يليق. وهكذا حركة اللسان وحركات الجوارح كلها جارية على هذا المجرى. فظهر أنّ دخول الشر في الأمور الوجودية إنما هو بالنسبة والإضافة لا أنّها من حيث وجودها وذواتها شر)[1]

وهذا لا يعني أن الشر مجرّد وهم، أو إنه أمر لا حقيقة له، فتلك دعوى غير صحيحة، وإنما قصدنا هو أنّ الشر (مجرّد نِتاج أنطولوجي عَرضي لخلق كائنات محدودة)[2]، فوجوده تابع لوجود كون غير متصف بالكمال، وليس هو أصلٌ لذاته، ومحدوديته في منعه الشيء من بلوغ مرتبة الكمال أو الاستواء والصلاح.

وبناء على هذا لا يصح اعتبار الشر من فعل الخالق، ذلك أنه ليس ذاتًا موضوعيّة وإنّما هو صفة انتزاعيّة، ولذلك لا تصحّ نسبة الشر إلى الله سبحانه، وإنّما هو صفة من صفات مخلوقاته.

وقد يُعترض على هذا بأنّ الشر نتاج عن مخلوقات الله، وبذلك فهو يعود إلى الله خالق هذه المخلوقات، والجواب على ذلك هو أنّ هناك فرقًا بين فعل الله الخالق مباشرة، وفعل مخلوق الخالق؛ فإنّ الله لا يريد لعباده إلّا الخير لكنّ العوارض قد تنحرف بذلك الخلق لتحوله شرا.

ومن الأمثلة على ذلك أن الله خلق لعباده الإرادة الحرة، والتي تجعلهم قد يختارون غير ما رضيه لهم، فالشر الذي يحصل لهم بسبب ذلك هو نتاج إرادتهم، والله سبحانه خلق إمكانية وجود الشرّ لا الشرّ ذاته.


[1] المرجع السابق، ص365.

[2] Adam Swenson, Privation theories of pain, Int J Philos Relig (2009) 66:139.

اسم الکتاب : كيف تناظر ملحدا..؟ المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 411
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست