اسم الکتاب : كيف تناظر ملحدا..؟ المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 301
أصوات الباحثين والفلاسفة منادية بأن العقل هو الحكم الوحيد والعقل هو كل
شيء وما عداه فوهم وخرافة، ابتداء بالوحي وانتهاء بالفداء والصلب والرهبانية..
فكلها أباطيل مضللة وعقائد مرذولة لأنها لا تتسق مع العقل.
ومع أن العقل والمنطق العقلي يقتضي وجود الله بل وجود كمالات الله إلا أن رد
فعل العقلانيين على الكنيسة جعلهم ينفرون من الإله نفورا كليا، واستبدلوه
بالطبيعة، التي حلت محل الإله، كما يقول (سول): (صار
لزاماً على الذين نبذوا الإيمان بالله كلية أن يبحثوا عن بديل لذلك ووجدوه في
الطبيعة)[1]
وكتب الفكر الغربي تسمي ذلك العصر عصر (تأليه الطبيعة)، أو عبادة الطبيعة،
وليست هذه العبارات مجازاً، بل هي مستعملة على الحقيقة تماماً، فكل صفات الله التي
عرفها الناس عن المسيحية نقلها فلاسفة الطبيعة إلى إلههم الجديد، مع فارق كبير بين
الإلهين في نظرهم.
فإله الكنيسة حقود يعذب السلالة البشرية ويقتل ابنه لأن الإنسان الأول أكل
فاكهة من حديقته.. وهو إله متعنت يضع القيود الاعتباطية على حرية الإنسان ويقيده
بالالتزامات ويفرض عليه الرهبانية والخضوع المذل لممثليه على الأرض.
أما الطبيعة فإله جذاب رحب الصدر ليس له كنيس ولا التزامات ولا يستدعي
طقوساً ولا صلوات، وكل ما يطالب به الإنسان أن يكون إنساناً طبيعياً يلبي مطالبه
الطبيعية في وضوح وصراحة.
وميزة الإله الجديد أنه ليس له رجال دين ـ كما للكنيسة ـ يستعبدون الناس
لأنفسهم.. ولا كتاب مقدس متناقض.. ولا أسرار علياً مقدسة.. بل له دعاة من أمثال
روسو وفولتير