اسم الکتاب : الكون بين التوحيد والإلحاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 192
أو يلمس ولا ينبغي أن يعبد من خلال
التشبيه لأي شيء مجسم)
***
جلسوا، فقام رجل من أهل البلدة، وقال: اسمحوا
لي أن أذكر لكم ـ سادتي الأفاضل ـ أنه بناء على ما ذكرتم في أحاديثكم العلمية
الشيقة، وما ذكرتموه من رؤى ونظريات.. بأن الموقف الإيماني لا يقف موقفا سلبيا
مطلقا من كل تلك الافتراضات التي وضعها العلماء لتصور حقيقة الكون وبدايته، من
أمثال الأكوان المتعددة والأكوان الموازية أو المتوازية والفرغ الكوني وغير ذلك..
بل هو يقف سلبيا معها فقط في إنكارها لله.
ولهذا فإننا لا نرى فيما يسمى [نظرية كل
شيء].. أو القوة التي تحكم كل القوى، أي حرج علمي في قبولها إن ثبتت.. ذلك أننا
نرى أنها حينها تصب في بحر أدلة الإيمان الواسعة، فكون الكون جميعا محكوما بقوة
واحدة دليل على وحدة الصانع المدبر الخالق.. وهذا ما يؤيد الرؤية التوحيدية
الإيمانية في وجه الرؤية الوثنية التي تدعي تقاسم الصنعة بين آلهة متعددة.
بالإضافة إلى هذا، فإن الرؤية الإيمانية التي
تسلم بوجود الله، وبكونه الخالق لكل شيء، ليست ضيقة محصورة في أي نظام من النظم أو
قانون من القوانين.. لأن الله العظيم الذي صمم هذا الكون البديع يمكن أن يصمم غيره
بقوانين أخرى.. وبما شاء من حكمته.. وبذلك فإن الرؤية الإيمانية لا تختلف مع كل
الافتراضات العلمية في أصل الفرضية، ولكن تختلف معهم في منبعها.
فالرؤية الإلحادية تنطلق من وضع تلك
الافتراضات حتى تتهرب من الإيمان بالله ومقتضياته.. ولذلك تفترض عددا لا نهائيا من
الأكوان حتى تصل إلى كون مثالي كالذي نعيش فيه.. وقد ذكرتم أن ذلك مستحيل.
والرؤية الإيمانية لا ترى بأسا في أن تكون
هناك أكوان متعددة، أو عوالم متعددة،
اسم الکتاب : الكون بين التوحيد والإلحاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 192