responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الكون بين التوحيد والإلحاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 158

وقبل ذلك أعرفكم بسميي.. ذلك العبقري الذي استفدت منه أن أتبع بإخلاص دين العلم.. لا دين الخرافة.. إنه [أوجست كونت]، ذلك الفيلسوف الفرنسي العظيم، مؤسس الفلسفة الوضعية التي ترفض الميتافيزيقيا، وتعتمد على نتاج العلوم الطبيعية الحديثة..

ذلك الذي أرخ في كتابه [محاضرات في الفلسفة الوضعية] للأطوار التي مر بها الإنسان أثناء رحلته للحقيقة.. فذكر أنها ثلاثة.. الطور اللاهوتي، وهو الطور الذي علل فيه الأشياء بقوى خارقة، وكائنات اعتبرها مقدسة.. والطور الميتافيزيقي، وهو الطور الذي علل فيه الأشياء بمبادئ مجردة وتأملية غير مرتبطة بالواقع ومتعالية عليه.. والطور الوضعي، وهو الطور الذي علل فيه الأشياء بالمشاهدة والتجارب العلمية الدقيقة..

ولذلك نادى بدين الإنسانية الجديد، دين العلم، باعتباره الدين الصحيح الذي يحقق للإنسان تحسين حياته المعيشية، ويبعده عن تلك الأوهام التي رسمها له الدين..

ولذلك نقل سميي [أوجست] المنهج التجريبي من ساحة العلوم الفيزيائية إلى الساحة الاجتماعية، وكل ما تفرزه من ظواهر إنسانية.. وهنا تكمن أهمية فلسفته العلمية الدقيقة التي لا تؤمن إلا بالحسابات والمعادلات الرياضية والقوانين الفيزيائية.

وأنتم ترون للأسف ـ مع أننا في الطور الثالث في سلم الترقي البشري إلا أننا لا نزال نرى من لا يزال متخلفا لم يتطور.. بل بقي في الطور الإلهي ذلك الطور الذي يفر من الحقائق العلمية، ليفسر بما يتوهمه من الغيب الذي لا يخضع للحواس ولا للتجارب ولا لأي منهج من المناهج العلمية المعتبرة.

بعد أن انتهى أوجست من حديثه، قام عالم آخر، وراح يصفق بشدة، ثم قال: شكرا جزيلا صديقي العزيز أوجست على هذه الضربة القاضية التي سددتها لهذا التفكير الخرافي الذي ظللنا نسمعه منذ الصباح الباكر.. لقد تصورت نفسي قد خرجنا من كوكب الأرض، وأنا أسمع هؤلاء العلماء الذين طرحوا ثياب العلم، ليستبدلوها بثياب رجال الدين..

اسم الکتاب : الكون بين التوحيد والإلحاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 158
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست