اسم الکتاب : الكون بين التوحيد والإلحاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 153
جميعا.. وهذا يدعو للكثير من التساؤلات
المحيرة التي لا يستطيع أي واحد فيكم ـ أصدقائي العلماء ـ الإجابة عنها؟
فكيف يمكن للإنسان أن يمارس كل تلك التصرفات
الممتلئة بالذكاء والعبقرية، وهو يتكون من نفس المواد التي يتكون منها سائر من
حوله من الأشياء.. لو كان الأمر أمر مادة وقوانين فقط لكان الإنسان مشابها لها..
ولكنا نراه متطورا عنها بكثير.. فمن وهبه ذلك التطور؟ .. هل وهبه لنفسه؟.. ومن
يزعم أنه وهبه لنفسه؟ .. أم أن الطبيعة التي وهبته ذلك؟.. فلم خصته دون غيره؟..
وهل لها من الوعي بحيث تخص جهة دون جهة؟
أنتم تعلمون أن التطوريين يذكرون بأن جمال
ريش الطيور إنما هو إظهار للجاذبية التي يتوقف عليها بقاء النوع.. لكن الرسم
الجميل ليس ضرورياً لوجود الانسان، فكيف وجدت هذه الموهبة في الإنسان؟.. وكيف
توفرت في بعض الناس ولم تتوفر في غيرهم مع أنهم يتكونون جميعا من نفس المركبات
الكيميائية، وتسري عليهم نفس قوانين الطبيعة؟
بعضهم ذكر في كتبه أن المادة، كالذرات
والصخور والماء، قد تتحد، وإذا نفخت فيها الحياة، فقد تتطور إلى إنسان.. لكن هل يمكن
لهذه العناصر، بعد أن تتم مطابقتها الكاملة للبيئة الطبيعية، أن تقطع مرحلة أخرى، وتنتج
رجلا موسيقيا يستطيع أن يكتب الأنغام الموسيقية على الورق، ويسجل تناسقها البديع، ويصنع
بيانو، ويخلب ألباب الجمهور المستمع، ويدع موسيقاه تسجل على أقراص من البلاستيك، وتذاع
حول العالم عن طريق وسيط يسمى (الأثير)، ولا تعرف الذرات شيئا عنه سوى أنها توجد
فيه أو بوساطته؟
سكت قليلا، ثم قال: أنتم تعلمون أن بعض أنواع
الحيوانات تتعاون في جهودها، فهي لاتصطاد إلا في جماعات، وهي تجمع غذاءها وتخزنه
للمستقبل، وهي تضاعف جهودها الفردية بطرق شتى بفضل العمل المشترك، ولكنها لا يبدو أنها
تخطو خطوة واحدة بعد ذلك.. لكنا نرى الإنسان قد شيد الاهرام بمضاعفة القوة الفردية..
واكتشف الرافعة
اسم الکتاب : الكون بين التوحيد والإلحاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 153