اسم الکتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 78
تكون صدفة دون
قوة عالمة حكيمة رغم ما في الكون من جمال وإبداع؟
قال آخر: يقال
لكل قائل بالصدفة: ما تقول في دولاب دائر على نهر، قد أحكمت آلاته، وأحكم تركيبه،
وقدرت أدواته أحسن تقدير وأبلغه، بحيث لا يرى الناظر فيه خللًا في مادته ولا في
صورته، وقد جعل على حديقة عظيمة فيها من كل أنواع الثمار والزروع يسقيها حاجتها،
وفي تلك الحديقة من يلم شعثها، ويحسن مراعاتها وتعهدها والقيام بجميع مصالحها، فلا
يختل منها شيء، ولا يتلف ثمارها، ثم يقسم قيمتها عند الجذاذ على سائر المخارج بحسب
حاجاتهم وضروراتهم، فيقسم لكل صنف منهم ما يليق به، ويقسمه هكذا على الدوام، أترى
هذا اتفاقًا بلا صانع ولا مختار ولا مدبر، بل اتفق وجود ذلك الدولاب والحديقة وكل
ذلك اتفاقًا من غير فاعل ولا مدبر؟ أفترى ما يقول لك عقلك في ذلك لو كان؟ وما الذي
يفتيك به؟ وما الذي يرشدك إليه[1]؟
قال آخر: وهكذا لو
قال شخص: وجدت كتابًا محكَمًا في علم من العلوم، يتكون من مجلدين، والمجلد يتكون
من جزأين، وكل جزء مكون من ثلاثمائة صفحة، وكل صفحة بها عشرون سطرًا، وكل سطر به
عشرون كلمة، وهذا الكتاب ليس له مؤلف، ولا كاتب، وإنما تألف وكتب صدفة عبر عشرات
السنين، أترى أحدًا يصدق هذا الكلام؟!.. وإذا لم يصدق أحد أن هذا الكتاب كُتب
وأُلِّف صدفة، وهو جماد لا حياة فيه، ولا وعي ولا إدراك ولا مشاعر ولا أحاسيس،
فكيف يصدق أحد أن هذا الكون تكوَّن صدفة بما فيه من آلاف الحيوانات، وآلاف الطيور،
وآلاف الزواحف، وآلاف النباتات، ويمكن أن تكتب عشرات المجلدات في إحكام ونظام كل
نوع من هذه الكائنات؟