اسم الکتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 41
قال: إن زميلي
في الفلسفة قد مال إلى القول بقدم العالم لتوهمه أن حدوث العالم يستدعي القول
بتجدد إرادة الله.. وهذا غير صحيح.. فقد توهم ذلك لمقارنته بين إرادة الله وإرادة خلقه،
فقاس الغائب على الشاهد، والخالق على المخلوق..
قلت: ما تعني؟
قال: سأضرب لك
مثالا يقرب لك ذلك.. عندما يريد النجّار صناعة باب لا شكّ أننا نقول أنه قد تجدّدت
إرادته بتلك الصناعة.. أي أنه حدثت فيه صفة لم تكن.. وهذا عيب فيه، ودال على
حدوثه.. ولذلك توهم صاحبي في الفلسفة أن القول بحدوث العالم يعني نفس القصور
بالنسبة لله تعالى.. بينما الأمر يختلف.
قلت: كيف
يختلف.. أنا أرى أن لقوله قوة وحجة صحيحة.
قال: سننظر إلى
الأمر من زاوية أخرى.. ألا يمكن أن يكون النجّار قد يريد صناعة الباب، ولكنه بدل
صناعته في الحين، يعلّق تحقيق إرادته بوقت متأخّر يراه مناسبا، كأن يقول: إنّي
عزمت على أن أصنع بابا، لكنّي سأصنعه السّبت القابل..
قلت: أجل يمكن
ذلك.
قال: وحين يحين الموعد
الذي حدده.. ويأخذ في صنعه الباب.. هل ترانا نذكر أنه صنعه بإرادة متجدّدة.. أو بنفس
الإرادة الأولى؟
قلت: بنفس
الإرادة الأولى..
قال: فهكذا
الأمر بالنسبة للقول بحدوث الكون، فإنّ تأخّر صنعه قد نعزوه إلى الإرادة الإلهيّة
من غير أن يلزم عن ذلك محال تجدّد صفة الإرادة في الله..
قلت: لكن هناك
إشكالا خطيرا يعرض لما ذكرت.
قال: أجل..
أعرفه.. وحله بسيط جدا.
قلت: كيف عرفته،
وأنا لم أنطق به.
اسم الکتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 41