ولهذا بين لنا
الله تعالى ما ينبغي أقواله عند ركوب الفلك، فقال:﴿ وَقَالَ ارْكَبُوا
فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ
رَحِيمٌ﴾ (هود:41) فمجرى السفينة ومرساها من الله تعالى.
فالأنعام مسخرة
ـ كما تنص الآية ـ وهي لذلك تسير بأمر الله، وتتحرك بتصريف الله، والعاقل هو الذي
يلجأ إلى الآمر لا إلى المأمور.
***
قال رجل من
القوم: ألست ترى أنكم معشر المؤمنين تهربون من الواقع بنسبة التدبير إلى الله؟
قال الشيخ: لس
ذلك كذلك يا أخي.. فشعورنا بالتدبير الإلهي، لا ينفي مسؤولياتنا وواجباتنا.. ولا
يجعلنا نتوقف عن البحث عن عالم الحكمة والأسباب.. نحن نشارككم في كل ذلك.. ولكنا
نزيد عليكم بأشياء ممتلئة بالسمو والرفعة.. فنحن نحترم تدبير الله لشؤون خلقه، ونشعر
بالأنس حين يمتلئ القلب بنشوة النظر إلى الله وهو يجيب الحاجات المختلفة للكائنات،
كما قال تعالى:﴿ يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ
يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ (الرحمن:29).. ثم بعد هذا نتطلع لما في يد الله من
فضل.. ونتضرع إليه في تحقيقه فهو صاحب الحكمة والقدرة، ويعمل وفق ما نراه من
قوانين، أو ما لا نراه منها.
وفوق ذلك، فإن
العالم بتصريف الله للكائنات لا يحزن ما يحصل له منها، أو ما يفوته