اسم الکتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 131
والحقائق لها
من الجمال والصفاء مثلما للمرآة.. فإذا قابلت مرآة القلب والعقل الصافية بمرآة الحقائق
حلت صور إحداهما في الأخرى.
قلت: فلم لا
يحصل ذلك لكل الناس.. وتنتهي الشكوك، وينتهي معها الإلحاد، وكل أنواع الضلال؟
قال: بسبب علل
تحصل في مرآة العقل والقلب تحول بينه وبين رؤية الحقائق.
قلت: فما هي؟
قال: إن هذا
يستدعي البحث عن الحجب التي تحول بين مرائي الناس والصور المقابلة لها.. وإدراك
ذلك بسيط لا يستدعي إلا التأمل في سر عدم انكشاف الأشياء للمرآة الحسية مع وجودها،
ووجود الأشياء حولها.. فأخبرني عما تراه من أسباب ذلك.
قلت: ربما لا
تنكشف للمرآة الصورة بسبب نقصان صورتها كجوهر الحديد قبل أن يدور ويشكل ويصقل.. وربما
يكون لكدورة المادة التي صنعت منها المرآة، وإن كانت تامة الشكل.. وربما لكونها معدولاً
بها عن جهة الصورة إلى غيرها، كما إذا كانت الصورة وراء المرآة.. وربما لحجاب مرسل
بين المرآة والصورة.. وربما للجهل بالجهة التي فيها الصورة المطلوبة حتى يتعذر
بسببه أن يحاذى بها شطر الصورة وجهتها.
قال: فهكذا مرآة
القلب.. فهي تحجب عن الحقائق بالأسباب الخمسة التي ذكرتها.. أما أولها، فهو
نقصانها في ذاتها كقلب الصبي، فإنه لا ينجلى له المعلومات لنقصانه..
وأما الثاني،
فلكدورة المعاصي والخبث الذي يتراكم على وجه القلب من كثرة الشهوات، فإن ذلك يمنع
صفاء القلب وجلاءه فيمتنع ظهور الحق فيه لظلمته وتراكمه..
وأما الثالث،
فأن يكون معدولاً به عن جهة الحقيقة المطلوبة، فإن قلب المطيع
اسم الکتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 131