اسم الکتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 122
قلت: كيف ذلك؟
قال: لو نظرنا
في العالم كله نظراً طبيعياً ضرورياً لم نجد فيه واحداً على الحقيقة البتة بوجه من
الوجوه، لأن كل جرم من العالم منقسم.. محتمل للتجزئة.. متكثر بالانقسام أبداً بلا
نهاية.. وكل حركة فهي أيضاً منقسمة بانقسام المتحرك بها الذي هو المدة.. وكذلك كل
معقول، من جنس أو نوع أو فصل.. وكذلك كل عرض محمول في جرم فإنه منقسم بانقسام
حامله..
قلت: صحيح.. وهذا
أمر يعلم بضرورة العقل والمشاهدة، وليس العالم كله شيئاً غير ما ذكرت.
قال: بما أن أمر
العالم كما ذكرت.. وبما أنه ليس في العالم واحد البتة.. وبما أن البرهان قائم على
ضرورة وجود الواحد، فإذن لابد من وجوده.. وبما أنه ليس في العالم، فهو إذا شيء غير
العالم..
***
لست أدري كيف
صحت من قوة هذا البرهان وسلامته ودقته.. وكنت أبشر به وبغيره من البراهين التي
استفدتها من ديكارت وأنسلم وغيرهما إلى أن من الله علي بلقياكم في هذه الروضة من
روضات النعيم.
نعم وجد من أهل
ذلك الزمان ممن لم يكن لهم القدرة على استيعاب ما أذكره لهم.. لكني لم أكن أعنف
عليهم، ولم أكن أتهمهم بالغفلة أو الغباء، وإنما كنت أقول لهم بكل رحمة وشفقة ونصح:
اذهبوا فلستم بحاجة إليها.. فلله من الأبواب والطرق ما لا عد له ولا حصر.. فلا
تكتفوا بإعدام ما لا تفهمونه، فعدم قدرتي على إثبات الحقيقة الأزلية لعقولكم لا
يعني عدم ثبوتها، وإنما يعني أننا نفكر بطرق مختلفة.
البرهان الوجداني:
اسم الکتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 122