responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 225

حكر عليك، وعلى الفلاسفة الذين بعتهم روحك.

قلت: ولكن الذي ذهب إلى ما ذهبت إليه فلاسفة أصحاب عقول.

قال: والذي ذهب إلى ما ذهبت إليه أنبياء أصحاب عقول وأرواح، وقد أثبتوا لي صدقهم بآلاف الحجج والبراهين.

قلت: تلك خرافات الأديان.

قال: بل تلك حقائق الوجود الكبرى التي تلاعب بها الإنسان ليفر من ربه إلى هواه.. وفي الأخير لن يجد شيئا.

قلت: فما قيمة الحياة عند ربك .. هذا الذي يستضيفنا، ثم لا يلبث حتى يقهرنا بالموت.

أخذ ينظر إلى الأفق البعيد.. وكأنه يتحدث نيابة عن ربه: ربي قال لي: الحياة الدنيا التي تعيشها ليست سوى مزرعة للآخرة.. فازرع واجن ثمراتها واحتفظ بها، واهمل قذاراتها الفانية.. واعلم أنها مجاميع مرايا متعاقبة، فتعرف إلى من يتجلى فيها، وعاين أنواره، وأدرك معاني أسمائه المتجلية فيها واحبب مسماها، واقطع علاقتك عن تلك القطع الزجاجية القابلة للكسر والزوال.. واعلم أنها موضع تجارة سيار، فقم بالبيع والشراء المطلوب منك، دون أن تلهث وراء القوافل التي أهملتك وجاوزتك، فتتعب..

وقال لي: اعلم أن الحياة الدنيا متنزه مؤقت، فاسرح ببصرك فيها للعبرة، ودقق في الوجه الجميل المتستر، المتوجه إلى الجميل الباقي، وأعرض عن الوجه القبيح الدميم المتوجه إلى هوى النفس، ولا تبك كالطفل الغرير عند انسدال الستائر التي تريك تلك المناظر الجميلة..

وقال لي: اعلم أنها دار ضيافة، وأنت فيها ضيف مكرم، فكل واشرب بإذن صاحب الضيافة والكرم، وقدم له الشكر، ولا تتحرك إلا وفق أوامره وحدوده، وارحل عنها دون أن

اسم الکتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 225
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست