responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 207

لكنه يراها ثمنا لا بد أن يدفع مقابل [نعمة] حرية الإرادة البشرية في كون منظم وخاضع للنواميس. كثير من اللاهوتيين يعمدون إلى تبني مثل هذه التعقلنات)[1]

سكت قليلا، ثم قال يخاطب من حوله: هل تسمحون لي أن أذكر لكم مثالا يصورني، ويعبر عن حقيقتي.. إنني مثل رجل جاء من الغابات لا يعرف عن المدينة شيئاً، ولا يعرف عن التعليم وأنظمته قليلاً ولا كثيراً.. وعندما دخل المدينة رأى الطلاب يدرسون نهاراً، ويذاكرون ليلاً، ثم يسرعون إلى الامتحانات متوترين مرهقين، ثم ينتظرون متلهفين نتيجة الامتحانات، فإذا ما ظهرت ورأى السعادة طافحة على وجوه الناجحين.. ثم رآهم يسرعون فرحين في بداية العام إلى المستويات الجديدة ليبدأوا رحلة كفاح جديدة، وهم سعداء فرحين مستبشرين.

إذا رأى هذا من غير أن يفقه أسراره يقف فاغراً فاه في بلاهة وعته وغباء، يتعجب من هؤلاء البشر الذين يكدون ويكدحون، ثم ينتقلون إلى المراحل التالية، بعد أن حققوا المراحل السابقة، كل ذلك وهم سعداء..

إن رجل الغاب هذا بدل أن يسألهم عن حالهم وسرهم ليستكنه حقيقة وضعهم راح يصفهم بالعته.. ويصف حياتهم بالشقاء.. ثم يصنفهم على أنهم آلات في يد إرادة عمياء تسخر منهم وتسخرهم ليعيشوا في شقاء..

قال ذلك.. ثم عاد إلى سكونه وهدوئه.. وكأنه لم يلاحظ أن الجميع كان منشغلا عنه بالعبث والفوضى والتشاؤم، ولم يسمع كلامه أحد إلا أنا وصاحبي.

مايكل مارتن:

لفت نظري رجل كان كثير الحركة، وكان يخلط بين البكاء والضحك، ويتحرك


[1] وهم الإله، ص108.

اسم الکتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 207
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست