اسم الکتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 168
إنسان في الدنيا بجميع ما لديه من
الإمكانات والكفاءات العجيبة المثيرة؟.. فيجيبك: لا تسألني عن هذا، فإن علمي لا
يتكلم إلا عن: (ما يحدث)، وليس له أن يجيب: (لماذا يحدث؟)
قال ذلك، ثم التفت
لي بحزن، وقال: من هذه الأسئلة يتضح لك مدى صلاحية العلم الحديث لشرح العلل
والأسباب وراء هذا الكون.. ولا شك أنه قد أبان لنا عن كثير من الأشياء التي لم نكن
على معرفة بها، ولكن الدين جواب لسؤال آخر لا يتعلق بهذه الكشوف الحديثة العلمية،
فلو أن هذه الكشوف زادت مليون ضعف عنها اليوم فسوف تبقى الإنسانية بحاجة إلى
الدين، لأن جميع هذه الكشوف (حلقات ثمينة من السلسلة)، ولكن ما يحل محل الدين لابد
أن يشرح الكون شرحا كليا وكاملا، فما الكون على حاله هذه إلا كمثل ماكينة تدور تحت
غطائها لا نعلم عنها إلا أنها (تدور)، ولكنا لو فتحنا غطاءها فسوف نشاهد كيف ترتبط
هذه الماكينة بدوائر وتروس كثيرة يدور بعضها بعضا، ونشاهد حركاتها كلها.. هل معنى
هذا أننا قد علمنا خالق هذه الماكينة بمجرد مشاهدتنا لما يدور داخلها؟ هل يفهم
منطقيا أن مشاهدتنا هذه أثبتت أن الماكينة جاءت من تلقاء ذاتها، وتقوم بدورها
ذاتيا؟ لو لم يكن هذا الاستدلال منطقيا فكيف إذن نثبت بعد مشاهدة بعض عمليات الكون
أنه جاء تلقائيا ويتحرك ذاتيا؟
كان لكلماته من القوة والوضوح ما لم أستطع
مواجهته، فرحت أسخر منه، ومن لونه وشكله، فابتسم، وكأنه لم يسمع شيئا، بل راح
يواصل حديثه بقوله: لقد استغل البروفيسور هريز هذا الاستدلال حين نقد فكرة داروين
عن النشوء والارتقاء فقال:(إن
الاستدلال بقانون الانتخاب الطبيعي يفسر عملية (بقاء الأصلح)، ولكنه لا يستطيع أن
يفسر حدوث هذا الأصلح)
حينها انتفضت
غاضبا، وقلت: دعنا من هذا، وأجبني على ما يقوله علم النفس
اسم الکتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 168